واش حنا مسؤولين..جَنَّةٌ ساحرة تتوارى خلف وَقع الكارثة
عندما تتوارد إلى الذهن كلمة “البحر”، تتراقص في الأذهان صور الأمواج والبحر المحيط الذي يعانق السماء في الأفق البعيد، وصخور الجرف التي تمنحك شموخًا وعظمة تحاول توثيقها بصورة من هاتفك مع لحظة ذهول أمام الطبيعة الخلابة في لحظة مهيبة لن تمنحها لك غير آسفي، باختصار هي حاضرة المحيط.
لطالما كانت هذه اللوحة الطبيعية التي تمنحها آسفي I love Safi ملاذًا لمحبي المدينة وعشاق الاستجمام. لكن، خلف هذا الجمال الذي يسحر الألباب، تختبئ كارثة بيئية تهدد بتدمير هذا الكنز الطبيعي، كنز من حدائق طبيعية مختلف الوانها ،حدائق مختلفة و متنوعة بغطائها النباتي الفريد الذي يزيد تفردا باتجاه الشمال على طول الجرف القاري المطل على المحيط من حدود منارة رأس برج الناظور حتى حدود منارة كاب كونتان(البدوزة) حيث تبدأ قصة الطبيعة في عناق الجرف للرمال الذهبية و محمية الصدفيات (رئة البحر) الانقى على طول سواحلنا الأطلسية .
الكارثة تطل في غفلة منا !؟
في الآونة الأخيرة، أصبح انتشار الأزبال والنفايات البلاستيكية على الجرف ؛ من جرف كرنيش آمون وسط المدينة نحو جرف كورنيش سيدي بوزيد مشهدًا مألوفًا يعكّر صفو هذه الجنة و كائناتها أكثر من تعكيره لصفو المسؤولين و السياح الداخلين.
أكياس بلاستيكية تتراقص مع النسيم، قنينات الزجاج المكسر ملقاة بشكل بشع وسط الاحراش و العشب الجاف، أكياس تختبئ بين الصخور، وكلها تشكل مشهدًا مؤلمًا على الجرف الذي يحاول لفضها نحو الشاطئ مع هبوب نسيم الصباح و المساء اللذان كانا إلى وقت قريب رمزًا للنقاء والجمال قبل إحداث الكرنيشات بأسفي كرنيشات بلى حاويات ازبال ،كرنيشات بلى مواصفات و معايير تحترم البيئة.
لماذا تُعدّ هذه الكارثة خطيرة؟
ببساطة، لأن البلاستيك لا يذوب في الطبيعة ويحتاج إلى مئات السنوات ليتحلل. خلال هذه الفترة، أصبح يعرّض الحياة البحرية والطيور لخطر الاختناق والتسمم في بيئتها الطبيعية أكثر من أي وقت سبق. حتى الكائنات التي كانت تتقاسم معنا هذا الجمال تصبح أحيانًا تتوهم بأن هذه الجزيئات البلاستيكية هي غذاء لها، لينتهي بها الأمر بحرمانها من التغذية الصحيحة التي كانت توفرها لها الطبيعة التي تإن تحت أقدامنا؛ وهذا بالضبط ما يؤدي إلى موتها بأعداد كبيرة في غفلة منا بعد أن أصبح المنظر البانورامي يذهلنا أكثر من الأزبال المنتشرة على مرمى حجر.
وللأسف، لا تتوقف الآثار الكارثية عند الحيوانات فقط، بل تمتد لتصل إلى البشر أنفسهم عندما تقف شابة أمريكية أمام الملوّثات البلاستيكية لسلسلة غذاء الكائنات، و هي تلتفت للزوار بنظرة تكشف تصورها أننا لا نستحق هذا الجمال.
منظور أوسع
إن رسم الابتسامة على مُحيا آسفي و هذه البلاد عموما هو مسؤولية الجميع. يتعين علينا جميعًا أن نتخذ خطوات فعالة وعاجلة لحماية هذه الجمال الطبيعي. الاستثمار في التعليم البيئي وتعزيز حملات التنظيف التطوعية، والتحول إلى أساليب استهلاك واعية ومستدامة، يبقى السبيل الوحيد للعودة إلى شواطئ نقية وجروف بحرية تعج بالحياة كما كانت في الماضي حتى لا نقع في الخلط و حصر نقاء شواطئنا في راية رفرافة تنتظر التقاط صورة لها مع المسؤولين و تدييعها على الإعلام مع بداية كل موسم .
الصورة الأكبر
فلنتأمل هذا الجمال للحظة من المسؤولية، ولننقذ طبيعتنا قبل أن تُغلفها الأسمال، ونتذكّر أن خطواتنا الصحيحة اليوم هي السبيل لضمان غدٍ مشرق للأجيال القادمة. فالعالم الذي نعيش فيه هو الأمانة التي يجب أن نحافظ عليها، حتى تبقى هذه المناظر الخلابة مصدر إلهام لكثير من الأجيال القادمة.
Comments ( 0 )