يتغير التعليم…

يتغير التعليم…

 

 

 

لاحظ و لو باستراق النظر لإبنك البالغ سبع سنوات منهمكًا في تجربة علمية، و تذكر التغييرات العميقة التي تحدث في عالم التعليم. إنه يستكشف أسرار عالمه بفضول عالِم شاب، وهو تناقض صارخ مع التعلم الصارم عن ظهر قلب الذي مررت به في أيام دراستك. إن مستقبل التعليم يتطور بسرعة،البلاد بأسرها تتطور بسرعة، العالم بأسره لن ينتظر تخلفك عن الركب ،و مع توقف الزمن الدراسي منذ بداية السنة و تنامي الوعي بأهمية التعليم في بناء الوطن و الاجيال القادمة، لا يسعنا إلا أن نتساءل: هل نقوم بإعداد أطفالنا لمواجهة تحديات وفرص القرن الحادي والعشرين؟

 

لقد تحول التعليم من مجرد نقل المعرفة إلى عملية ديناميكية تهدف -على الأقل من الناحية النظرية- إلى تشجيع التفكير النقدي، والقدرة على التكيف، والإبداع. لقد ولت أيام المنهج الواحد الذي يناسب الجميع؛ واليوم، أصبحت تجارب التعلم الشخصية هي المعيار الجديد المتوقع للمعلمين الذين يفهمون هذه الضرورة المجتمعية ،و التي خرجوا من أجلها للشارع، مصرين على الدولة تحسين ظروف الاشتغال لصالح أبناء الشعب .

 

كما أن أهداف الاصلاح العميق للتعليم و التي اختير لها جيل من اخر خريجي مسالك الإجازة و أغلبهم من الجنس اللطيف قد تكون له آثار إيجابية على الأجيال الصاعدة التي لا ننسى أنها فتحت عيونها على الكثير من التغيرات المجتمعية الجذرية و الظروف الاستثنائية، من حجر و زلازل و تغير صارخ في المعطيات المتعلقة بالتماسك الأسري و انسحاب القوى الحية من مواكبة المدرسة العمومية في التاٰطير و الإصلاح.

 

التحول نحو نموذج تعليمي يواجه التحديات المعاصرة..

 

يتضمن التعليم الحالي من وجهة نظر الأسر على التعلم القائم على المشاريع، وحل المشكلات بشكل تعاوني، والتركيز على المهارات التي تتجاوز الفصل الدراسي ،و هي وجهة النظر التي تعززت مؤخرا مع خروج أولياء التلاميذ لشارع للتضامن مع الأساتذة.

 

و من المؤكد أن الفصول الدراسية التقليدية التي تحتوي على صفوف من المكاتب ومعلم يلقي المحاضرات يجب أن تصبح من بقايا الماضي. هي مدرسة الريادة كما سمتها الوزارة بانتظار وصول العتاد اللازم لهذه المدارس من الصين و كوريا ،وبدلاً من الطبشور و اللوح و ما الى ذلك، سيتم استبدال الكل بمساحات تعليمية مرنة، وأدوات رقمية، والتحول نحو التعليم الذي يركز على الطالب. تعكس هذه التغييرات الاعتراف بأن العالم ليس ثابتا؛ إنها تتطور باستمرار، مدفوعة بالتكنولوجيا والاتصال العالمي والقضايا الملحة التي سيرثها أطفالنا بمساعدة هذا الجيل من الأساتذة المضربين ،و الذين نالوا تقديرا خاصا من زملائهم المقبلين على التقاعد ،هذا فقط من أجل الإشارة ،لانه جيل استطاع إيصال صوته للدفاع عن المدرسة العمومية التي كلفت الدولة ميزانية بأرقام فلكية .

 

 

فبالنسبة للمتمدرسين من جيل قضى سنواته الاولى في الحياة مع انتشار الاوبئة و الظواهر الطبيعية و المجتمعية الغير مستقرة ،يرى في المدرسة أكثر من مجرد حفظ الحقائق والأرقام. إنه يتعلم البحث وتقييم المعلومات بشكل نقدي وإيصال نتائجه بشكل فعال. إنه يكتسب مهارات القراءة والكتابة الرقمية التي ستكون ضرورية في عالم تنتشر فيه التكنولوجيا في كل مكان. والأهم من ذلك، أنه يعمل على تطوير عقلية النمو – وفهم أن التعلم هو رحلة تحدي مدى الحياة، وليس وجهة يقصد بها الحصول على وظيفة بائسة كما فعلت.

 

رحلة مدى الحياة، وليس وجهة.

 

لأن المشهد التعليمي اليوم تأثر أيضًا بالتحديات العالمية المعقدة التي سيواجهها أطفالنا. تغير المناخ، وعدم المساواة الاجتماعية، والاضطرابات التكنولوجية ليست مجرد موضوعات للمناقشة؛ لقد تم نسجها في نسيج المنهج الدراسي. ليتعلم ابنائنا عن الاستدامة والعدالة الاجتماعية وأهمية التعاطف و ايجاد الحلول. وهو يدرك أن جيله سيكُلف بإيجاد الحلول لهذه القضايا الملحة و التي أصبحت تعني هذا الجيل أكثر من سابقه ،لاعتبار أن بقائها دون حلول …لا نملك له إجابة صريحة.

 

 

Share
  • Link copied
Comments ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (Number of characters left) .