” آسفي تْشم غير من حانوتْها “

” آسفي تْشم غير من حانوتْها “

 

 

 

 

أثناء تمايلها طربًا بإنجازات الطاقة النظيفة وثوراتها التكنولوجية، تخيلت عالمها الذي كان يرسمه السياسيون كصور عائمة بالهواء و مدار حضاري رهن إشارتها للتّخفيف من تطاير جسيمات التلوث الذي ازكم أنوف ساكنيها،

 

حتى الساعة، وحدها الرياح الشمالية الشرقية من استطاعت أن تُجنب المدينة أكثر من مرة الكارثة البيئية القادمة من الجنوب ، منذ سبعينيات القرن الماضي.

 

لكن كلما هبت الرياح الجنوبية الغربية و هو الحال بحاضرة المحيط منذ بداية شهر رمضان، أصبحت الروائح المتصاعدة من المركب الكيماوي و محطة الطاقة الحرارية التي لا يخطئها حتى أنف صاحب محل العِطارة، حديث الكل بالمدينة، مع ساعة الإفطار و أثناء الخروج للمساجد بعد السحور ،و كلما هبّت نسمة البحر المحيط المتصاعدة من اتجاه الجنوب، و حتى لا ننسى أن هذا العالم قائم على بُنى تحتية شرهة للكهرباء، والتي نسرف فيها إسراف من لا يخشى الغد.

 

تستمر التيارات الهوائية في تجنيب آسفي الأسوء ،آسفي التي أُختير لها أن تكون “وجه الحموم” كما عبر عن ذلك أحد المستشارين خلال ولاية المجلس البلدي السابق، و الذي لا يعتبر بكل الاحوال أحسن من المجلس الحالي الذي هجره أغلبية المستشارين.

 

لم يستطع المجلس السابق بقيادة (البداوي) مجاراة سرعة الأشغال التي قادتها الشركة الكورية DAEWOO التي تكلفت ببناء المحطة الحرارية لآسفي، قبل استغلالها من طرفSAFIEC لتصبح أول محطة فائقة الحرارة في إفريقيا، وأكبر محطة في المغرب لإنتاج الطاقة الكهربائية عن طريق الفحم الحجري، كان المجلس البلدي حينها و معه السلطات منهمكين في توفير بعض الفتات لهم ،استطاع به رئيس المجلس حينها توفير بقعة أرضية لبناء عمارته التي أثارت الكثير من اللغط الذي الها (النشطاء الحقوقيين) ،تم تمرير المشروع خارج الضوابط و دفتر التحملات الذي كان سيقي المدينة من تناثر الغبار و جسيمات الشاربون، تعطّل انشاء المدار الحضري للمدينة، و تعطل معه تسليم الميناء المعدني الذي واجه الأمواج العاتية التي قسمت رصيف الصد، و أصبحت المدينة ممراً لعجرفة أصحاب الشاحنات المحملة بالفحم الحجري التي تصول و تجول شوارع المدينة، وحدها حادثة انقلاب إحداها بسبب السرعة على شارع الحسن الثاني ،عجلت حينها بتثبيت إشارة المرور البئيسة المُرفقة مع المقال، إشارة تعمل بالنهار و تتعطل بالليل، تمنع مرور الشاحنات المُحملة بالشاربون و لا تمنع رجوعها من نفس الشارع و اثار الحمولة المُفرغة بالمحطة تُكمل نشر الثلوث على طول الشارع الرئيسي، لم لا فهي آسفي “آسفي وجه الحموم”.

 

وفي ضل غياب أي دراسة للآثار البيئية التي يمكن أن تحدثها المحطة الحرارية و على ضوء غياب أو هو تغييب للدراسة التي أجراها LPEE في الثمانينات عن الآثار الناجمة على البيئة بسبب المركب الكيماوي ، و غياب أو غيبوبة السلطات أمام تتبيث جهاز لرصد جودة الهواء أو نظام انذار لعلم ساكنة المدينة في حالة وقوع تسربات ،يبقى تلوث الهواء الناتج عن المحطات التي تعمل بالفحم أكثر فتكًا مما كان يُعتقد.

 

تشير الدراسة التي نُشرت في نوفمبر على صفحات مجلة “Science” أنّ التعرض لتلوث الهواء بالجسيمات الدقيقة الناتجة عن المحطات التي تعمل بالفحم يرتبط بخطر وفاة أكبر بمقدار 2.1 مرة مقارنةً بالتلوث بالجسيمات القادمة من مصادر أخرى، كما عرّفت وكالة حماية البيئة الأمريكية التلوث الجزيئي بكونه مزيجًا من القطرات الصلبة والسائلة التي تطفو في الهواء، ويمكنه أن يأتي على شكل تراب، أو غبار، أو سخام، أو دخان.وتُعد مواد PM2.5، وهي من أصغر أشكال التلوث الجزيئي، صغيرة جدًا (يبلغ عرضها 1/20 من عرض شعرة بشرية) بحيث يمكنها تجاوز دِفاعات الجسم. وبدلاً من إخراجها عند الزفير، يمكنها أن تلتصق برئتيك، أو تنتقل إلى مجرى الدم.وتُسبب تلك الجسيمات التهيج، والالتهاب، وقد تؤدي إلى مشاكل في الجهاز التنفسي، وأمراض الكلى المزمنة.

 

ويمكن للتعرض لها التسبب بالسرطان، أو السكتة الدماغية، أو الأزمة القلبية، ويمكنها أن تؤدي إلى تفاقم الربو، كما أنّها ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق .

 

نتائج هذه الدراسة جاءت بعدما درس الباحثون بيانات الانبعاثات من 480 محطة تعمل بالفحم في الولايات المتحدة، وبيانات جمعتها “Medicare” (هي شركة التأمين الصحي) على مدى عقدين تقريبًا.

 

كما قاموا بنمذجة المكان الذي تحمل إليه الرياح ثاني أكسيد الكبريت المنبعث من هذه المصانع، ما قد يؤدي إلى تكوين أكاسيد كبريت أخرى تتفاعل مع مركبات أخرى في الغلاف الجوي، لتشكل تلوثًا جزيئيًا، هذا النوع من التلوث مسؤول بدرجة أولى عن فقدان جهد الإنسان بعد إعاقته لعمل فيتامين” د” بالجسم.

 

منظور أوسع

 

“آسفي بحاجة إلى إبعاد الشاحنات المحملة بالفحم على الاقل. لا يوجد سبب حقيقي لوجود يافطة تتوسط المدينة و تسمح للشاحنات باختراقها إلى حدود مدارة الجريفات و عودتها بعد الإفراغ من وسط المدينة محملة ببقايا غبار الشاربون”،

لأن الحقيقة هي أنّ تلوث الفحم أسوأ عندما يأتي الأمر لخلق الجسيمات الدقيقة مقارنةً بالمصادر الأخرى هو أمر لا ينبغي تمريره من طرف السلطات المكلفة بحماية المدينة، اتخاذ هذه الإجراءات بشأن تطاير غبار الشاربون في جميع أنحاء المدينة، وليس في في المقطع الذي يمر على عمارة رئيس المجلس السابق؛ نتحدث هنا إلى المجلس الحالي لان هذه النقطة بالذات تعتبر على قائمة اهتمامات الساكنة بانتظار جهاز رصد جودة الهواء بالطبع حتى تتضح الرؤية أكثر.

 

 

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)