الانتباه المغربي في مرمى التفاهة: هل الضرائب هي الحل لمواجهة تضليل المؤثرين؟

الانتباه المغربي في مرمى التفاهة: هل الضرائب هي الحل لمواجهة تضليل المؤثرين؟

 

 

 

بينما تتبادل الحديث مع صديق في مقهى شعبي بالدار البيضاء، يقاطعك إشعار من “إكس” يسرق انتباهك. وبينما تشاهد مقطعًا على اليوتيوب يصرخ فيه أحدهم بعبارة خوتي المغاربة، يقتحم إعلان ترويجي لمنتج الملابس الداخلية النسائية تركيزك. هذه اللحظات نعيشها جميعًا في المغرب، حيث بات ضعف الانتباه وقلة التركيز آفة عصرية، وكثيرًا ما نردد عبارة الأمهات المغربيات: “كلشي من التلفون خرج على الوقت!”

 

“كلشي من شركات السوشل ميديا!”

“كلشي من قلة الترابي!”

في ظل تهاون السلطات الوصية في وضع حد لتأثير المؤثرين الذين يروجون للتفاهة ويضللون الرأي العام، استغلت شركات وسائل التواصل الاجتماعي هذا الفراغ. زادت من استراتيجياتها لجذب انتباهنا وتعميق إدماننا على الهواتف عبر إشعارات لا تتوقف، فأصبحنا “ملصقين” بشاشاتنا طوال اليوم.

 

والنتيجة؟ تحوّل انتباهنا إلى كل سلعة تُباع وتُشترى، بينما يتزايد تأثير محتوى هابط يشغل عقول الشباب المغربي.

 

هل الضرائب هي المخرج؟

في هذا السياق اقترح الاقتصاديان الحائزان على جائزة نوبل، دارون أسيموجلو وسايمون جونسون، فرض ضريبة بنسبة 50% على إيرادات الإعلانات الرقمية للشركات التي تحقق أرباحًا تزيد عن 500 مليون دولار سنويًا. هذا الاقتراح قد يدفع هذه الشركات إلى التحول نحو نماذج تعتمد على الاشتراكات بدلاً من الإعلانات، مما يقلل من هيمنة المحتوى التافه الذي يغزو منصاتنا.

 

في المغرب حيث نملك ترسانة قانونية مرنة يمكن أن نستلهم هذه الفكرة من تجارب عالمية ناجحة، مثل الضرائب على السجائر التي قللت من التدخين في الولايات المتحدة. فهل يمكن أن تكون الضرائب أداة للحد من تضليل الرأي العام وتشتيت الانتباه في بلادنا؟

 

بين العواقب والفوائد

تبني مثل هذه السياسات و قد تشجع الشركات على تقديم محتوى ذي قيمة يتماشى مع الثقافة المغربية ويحترم عاداتنا و وعينا، بدلاً من التركيز على إعلانات تروج للتفاهة. لكن، إذا لم تُرافق هذه الخطوة بجهود حكومية لضبط تأثير المؤثرين، فقد تبقى النتائج محدودة.

 

منظور أوسع:

إذا اعتبرنا “الانتباه” موردًا ثمينًا كالماء أو المعادن أو الثروات السمكية، وأعدنا تقييمه بحق، لاستثمرنا في أنفسنا وفي وقتنا. حينها، يمكننا توجيه اهتمامنا نحو ما يستحق فعلاً: تعزيز ثقافتنا، دعم شبابنا، ومواجهة التفاهة التي تُفرض علينا، بدلاً من تركها تُضيّع أغلى ما نملك.

 

 

 

 

 

 

Share
  • Link copied
Comments ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (Number of characters left) .