البِطالة ليست بطولة
و ليست طفولة بدوام كامل
خطورة البطالة ليست فقط في حرمان الشخص من مصدر رزق منتظر، وإنما في حرمانه بالضرورة من المشاركة الاجتماعية، بل حتى من الشعور بجدوى وجودِه الإنساني، ولا نظننا هنا، بحاجة لسرد آثارها الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والصحية فهي معروفة للجميع.
مفهوم البطالة
اقتصاديا : بدأت البطالة في الظهور مع تطور الصناعة إذ لم يكن للبطالة معنى في المجتمعات الريفية التقليدية.
عالميا : طبقا لمنظمة العمل الدولية فإن العاطل هو كل شخص قادر على العمل وراغب فيه، ويبحث عنه، ولكن دون جدوى.
فكريا : لا يوجد شيء اسمه البطالة أما بالنسبة للشغل فهو اي نشاط يحفظ كرامة الإنسان.
واقع الحال:
انتشرت مؤخرًا بين حديثي التخرج في المغرب ظاهرة “البطالة بدوام كامل”، فبدلاً من الدخول في دوامة البحث عن عمل ورفع الهم و الحرج ، فضل بعض الشباب النوم في منازلهم والاستمتاع…
مجبر أخاك لا بطل
يعاني سوق الشغل في المغرب حاليا من شُح في الشواغر الوظيفية تسبب في رفع نسبة البطالة إلى 12.4 بالمئة في الربع الثاني من عام 2023 بعدما كان 11.2 بالمئة في الفترة نفسها من العام الماضي، وفي ظل هذا الشح الوظيفي لجأ الشباب وهم الفئة الأكثر بدون شغل، لتطبيع فكرة العطالة وجعلها الأصل لا الطارئ، فبدلاً من قبول وظائف غير مرضية للطموحات، والجهد المبذول في سنوات الدراسة أو التنافس على الفتات المعروض، أصبحت فكرة الاستلقاء في المنازل والعيش على كتف العائلة فكرة رائجة.
من باب احترام الذات لن تكون الجلسة ومصاريفها بلا مقابل، فالمهمات المنزلية مثل. التنظيف والرعاية وغيرها تجعل الأمر مستساغًا أكثر للبعض.
التمرد على ثقافة العمل .
نوعا ما تحمل هذه الفكرة تمرد صريح على نقيضتها ظاهرة الوظيفة و التغطية الصحية التي راجت قبل الالفية، ومعنى الوظيفة اي العمل من الساعة 9 صباحا حتى 6 مساءً 6 أيام في الأسبوع.
تغيرات عامة
لمن يتابع شطحات الجيل زد لن يستغرب ظاهرة مثل هذه، فهي تتوافق مع المبادئ التي بدأت تتشكل لدى كل أبناء الجيل، ونستطيع اختزال هذه المبادئ تحت فكرة التحرر من القيود والضغوطات والاستمتاع بالحياة و الاستقالات الصامتة.
شاع بين الشباب كذلك مصطلح ” الحمار و المسمار” والذي يعني الاستلقاء، وفكرته أخذ راحة من ضغط الإنجاز.
من منظور أوسع
انتشار هذه الظواهر والأفكار حول المغرب يدعو لإعادة النظر لثقافة العمل الحالية، وسواء اختلفت أو اتفقت مع هذه الظواهر والأفكار الجديدة إلا أنها دليل واضح على خلل حالي أو على الأقل مؤشر لإحتضار أفكار وثقافات سيطرت على ثقافة العمل، بمقابل كثرة المجموعات التي تعيش طفولة بدوام كامل حيث تشجع هذه المجموعات على تجربة كل انواع المخدرات و قصات الشعر الملونة.
تعليقات ( 0 )