“الحمقرية” : كلمة تدخل ضمن 50% من التحفيز.. فماذا تعني ؟

التحفيز

“الحمقرية” : كلمة تدخل ضمن التحفيز.. فماذا تعني ؟

 

    ” كنت لا أنجح في الدراسة إلا في الدور الثاني، حتى وصلت للمرحلة الثانوية فقال لي مدرس التاريخ : أنت عبقري يا عبد الوهاب! فتغيرت حياتي منذ ذلك اليوم، مع أني لا أدري هل اكتشفني فعلاً أم أنه كان من باب التشجيع وأنا صدقته والمهم أن النتيجة واحدة فقد تغيرت حياتي منذ سماعي لتلك الكلمة “.

بهذه الكلمات يتحدث المفكر عبد الوهاب المسيري عن دراسته الابتدائية والثانوية ببلدته التي تعد مرحلة التكوين والبذور على حد وصفه ليرتحل بعدها إلى الإسكندرية ، ويبدأ في كلية الآداب مساره الطويل مع الأدب والفكر، فيُعيّن -بعد أربع سنوات من التفوق الدراسي- معيدا بها عام 1959م . 

كانت جملة مدرس التاريخ ” أنت عبقري يا عبد الوهاب  ” هي الشعلة التي أعطت الانطلاقة لتلميذه ليصبح “حالة متميزة وفريدة في تاريخ الفكر العربي والإسلامي المعاصر، حالة ترتقي إلى حد الاستثنائية، ليس فقط بالنظر إلى شمولية اهتماماته المعرفية في مجالات الأدب والنقد وفلسفة التاريخ والعمل الموسوعي والترجمة، ولكن بالنظر أساسا إلى أصالته الإبداعية في مجال التنظير الأكاديمي والاجتهاد المنهجي والتجديد الاصطلاحي والمفاهيمي” كما يقول عنه أستاذ العلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس- بالمغرب سلمان بونعمان .

من هنا يبدو دور التحفيز جليا لناظر على أنه أحد المهمات اليومية للمعلم ومدير الشركة ورب الأسرة والتي تكتسي أهمية بالغة في مجموعة من الميادين التربوية والمهنية . لذلك يبقى السؤال كيف يمكننا خلق بيئة محفزة وخلاقة داخل العمل والفصل الدراسي وفي البيت ؟ وما هو التحفيز الصحيح ؟ وماهي أشكاله ؟وما هي الخطوات العملية الموصلة إليه ؟

التحفيز هو توليد النشاط والفاعلية في العمل ، وهو من الطرق الفعالة للحصول على أفضل ما لدى الغير، سواء كان ذلك يتعلق بالأمور المادية أم المعنوية . ولكي تصل إلى ذلك لابد من الاهتمام بالكيفية الناجمة للتحفيز وذلك عن طريق اتباع أفضل السبل وأسرعها، وأكثرها جدوى لتحقيق ذلك، ومن المفيد أن يتم التركيز على الأساليب التحفيزية التي تؤدي إلى إيجاد نوع من الديمومة في الإنتاج والفعالية. 

1 – التحفيز داخل بيئة العمل : 

تنقسم طرق التحفيز في الوسط المهني بشكل عام إلى قسمين على الشكل التالي : 

التحفيز المعنوي عن طريق تقدير المجهود الذي يقوم به العامل بإنشاء لوائح الشرف ومنح الأوسمة والشهادات التقديرية . 

التحفيز المادي وذلك بصرف العلاوات المختلفة ومنح الزيادات في الرواتب بالإضافة لصرف الرواتب الإضافية  والمكافآت .

 

2 – التحفيز داخل الفصل الدراسي : 

ينبع التحفيز داخل الفصل الدراسي من حب المعلم لمهنته وحرصه على إستخراج كل ما لدى طلبته من طاقات ومواهب ، وذلك خدمة لرسالة التعليم في إنشاء جيل خلاق ومبدع ، و يتم ذلك بإتباع أساليب بيداغوجية تسهل و تنظم هذه العملية أهمها الإصغاء و التثمين ، حيث لن تكون قادراً على إلهام الآخرين إذا كنت أنت من يتحدث طوال الوقت، لذا إنَّ الإصغاء أمرٌ ضروري، فهو يظهر أنَّك مهتمٌّ بما يقوله طلابك وبحياتهم، كما يسمح لك بالكشف عن شغفهم الذي يمكنك استخدامه لتحفيزهم. فيما يلعب التثمين دورا هاما في خلق الثقة بين المعلم والطلاب و إكسابهم الثقة في أنفسهم ما ينعكس إيجابا على تحصيلهم الدراسي ويزيد من قوة شخصيتهم .

لكن يبقى السؤال عن ما العمل عند التواجد داخل بيئة عمل أو دراسة تفتقر لأي عامل من عوامل توليد الحافز والرغبة في العمل أو الدراسة ؟ هل نستسلم للإحباط و الفشل ؟

3 – أنا حمقري !

في كتابه المضحكون يقول الكاتب و الساخر المصري العظيم محمود السعدني عن نفسه  ” زمان كان مدرس الحساب يعتقد أننى حمار وكنت أعتقد أنني عبقري وبعد فترة طويلة من الزمن اكتشفت ان المدرس كان على خطأ واكتشفت ايضا ان العبد لله لم يكن على صواب ، فلا انا عبقرى ولا انا حمار انا مزيج من الاثنين العبقرى والحمار .. انا حمقري !” 

لم تفلح كلمات مدرس الحساب في ثني عزمه على أن يصبح أحد رواد الكتابة الساخرة في الصحافة العربية ، رغم الظروف التي نشأ فيها تحت الاستعمار البريطاني لمصر حيث استمد محمود السعدني الحافز من داخله ليسجل إسمه مع كبار الأدباء في مصر و العالم العربي ، لنعلم بعد هذا أن الحافز ليس دائما خارجيا بل في بعض الأحيان نحتاج الى تحفيز أنفسنا للعمل و النجاح لكن كيف؟ 

4 – التحفيز الذاتي : 

التحفيز الذاتي هو شحن المعنويات الإيجابية والإصرار على أن لديك من القوة ما يكفي لتجعل من نفسك شخص ناجح ، و الوقوف على مكامن هذه القوة والعمل عليها لتطويرها والاستفادة منها بالشكل الصحيح 

وتبرز أهمية التحفيز الذاتي حيث أنه لا ينبغي للحافز أن يكون مستمدا بشكل دائم من عامل خارجي يؤثر عليك بل ينبغي عليك أن تصنعه من الذات نفسها والبحث عن أي عملية تشجيعية تبرمجها بنفسك تجعل بها عقلك الباطن مبرمج على أساس النجاح والاستطاعة .

وأهم خطوات التحفيز الذاتي هي : 

  • أن تستفيد من الخطأ وتجعل من الفشل أول خطواتك نحو النجاح .
  • تذكر منجزاتك وأعمالك السابقة لتجديد همتك على العمل .
  • إقرأ و وسع من مدركاتك إقرأ أيضا عن الشخصيات التي تعتبرها قدوة و استفد من تجاربهم .
  • إعمل على أن تكون لديك مناعة من أراء الآخرين السلبية ولا تصغي إلا للنقد البناء .
  • حول مهامك وعملك إلى شيء ممتع ومريح وذلك للحصول على نتائج أفضل .
  • تعود على الجلوس مع نفسك وبناء المستقبل الذي تراه لنفسك بصورته الكاملة والخطوات الموصلة إليه فذلك يعطيك دفعة أقوى و حافز أكبر .

وأخيرا فالحافزية وخلق الدافع للعمل داخل أي وسط مهني كان أو غيره مهمة ضرورية لبلوغ الغاية المنشودة وتعزيز الخلق والإبداع ، فالله عز وجل حفز عباده للعمل حيث قال تعالى (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) .وحتى في حالة غياب التحفيز الخارجي يجب علينا خلقه ذاتيا بأنفسنا .

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)