السدود الأمنية بالقنيطرة: ما الغاية والجدوى؟؟؟

السدود الأمنية بالقنيطرة: ما الغاية والجدوى؟؟؟

لا جدال في أن حماية الأشخاص والممتلكات وتأمين أكبر مستويات الأمن العام والسكينة العامة والحفاظ عليهما، هي إحدى المهام التقليدية والطبيعية الملقاة على عاتق المرفق الأمني ببلادنا. ولإنجاز هذه الأوراش الأمنية توظف الشرطة والدرك سلة من الإجراءات والتدابير العملياتية، في مقدمتها نصب الحواجز الأمنية في إطار السد القضائي أو الإداري.
وتظل الغاية المثلى من إقامة هذه السدود هو المراقبة الإدارية والأمنية الاستبقاية، وكذا مراقبة الهوية للتثبت من هويات المواطنين المتنقلين بين مدن المملكة والتأكد من عدم وجودهم على قائمة المبحوث عنهم قضائيا.
وتتضح أهمية هذه السدود وتتجلى من خلال العدد المصرح به من طرف المديرية العامة للأمن الوطني حولعدد الموقوفين في السدود القضائية التي تم تنصيبها، والتي بلغت مائة وسبع وعشرين سدا قضائيا في مداخل ومخارج المدن حسب حصيلة المنجزات والخدمات السنوية للمديرية العامة للأمن الوطني لسنة 2017، والتي مكنت من مراقبة حوالي مليون وسبعمائة واثنى عشر ألف سيارة، وتوقيف خمسة آلاف وسبعائمة وخمسة وأربعين شخصا مبحوثا عنه أو متورطا في قضايا إجرامية.
وعلى الرغم من تبرم بعض العابرين للسدود المنصوبة بمداخل مدينة القنيطرة وضجرهم واستيائهم من الإجراءات والتدابير التي يتم تنفيذها بدراية عالية من قبل عناصر الشرطة، فإن الضربات الاستبقاية التي نفذتها هذه العناصر تستوجب منا نحن ساكنة القنيطرة الإشادة بهذا العمل الاحترافي المنجز من قبل جهاز الشرطة بالمدينة، في إطار المساطر القانونية المعمول بها، ولاسيما الفقرة الثانية من المادة الخمسة والستين من قانون المسطرة الجنائية، التي تنظم أحكام إجراء التعرف على الهوية والتحقق منها بالنسبة لضباط الشرطة القضائية، عندما يتعلق الأمر ببعض الإجراءات التي يمكن مباشرتها في حق الأشخاص الذين تتوافر قرائن تحمل على الإعتقاد بوجود علاقة بينهم وبين قضية تكون موضوع بحث.
لقد مكنت التدخلات الاستباقية المنجزة من قبل عناصر الشرطة بمختلف السدود الأمنية المنصوبة بمداخل مدينة القنيطرة من توقيف عدد كبير من المبحوث عنهم على ذمة قضايا هي موضوع بحث قضائي بمدن عديدة من ربوع المملكة، كما مكنت من محاربة جرائم التهريب والاتجار في البشر والمخدرات والمؤثرات العقلية، وحجز كميات لا يستهان بها من الحشيش ومخدر الشيرا والمخدرات الصلبة (الكوكايين) والأقراص المهلوسة. هذه التدخلات الهامة التي أنقذت مدينة القنيطرة من تهديدات ومخاطر حقيقية غايتها المس بطمأنينة وسكينة المجتمع والإضرار بحياته وصحته وسلامته.
لذلك، فإن ضجر بعض مستعملي الطرق، ولاسيما على مداخل مدينة القنيطرة، يظل مبالغا فيه إلى حد كبير، بالنظر إلى سرعة تنفيذ التدابير والإجراءات الروتينية، والتي لا تؤثر في شيء على انسيابية عملية المرور بالسدود؛ وبالنظر، أيضا إلى توفر قدر كبير من الطمأنينة والسكينة التي تنعم بها ساكنة القنيطرة، المدينة التي تشكل صمام أمن وأمان حقيقي على الصعيد الوطني، باعتبارها الخيط الناظم والجسر الرابط بين عدد من مدن شرق وشمال ووسط المملكة.
ولأن أمن الإنسان يعرف بكونه “تحرر الإنسان من التهديدات الشديدة والمنتشرة والممتدة زمنيا، والواسعة النطاق التي تتعرض لها حياته وحريته، هذا التعريف الذي ينهض على التحليل المتداول لمفهوم “أمن الإنسان”، والذي طرحه تقرير التنمية الإنسانية الصادر في العام ألف وتسعمائة وأربعة وتسعين، عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي؛ ولكون مفهوم الأمن الإنساني صار أكثر عمقا وأشد صلابة من ذي قبل؛ صار مطلب انخراط المواطن في المنظومة القانونية للأمن حتميا وضروريا، حتى تتقوى المناعة الأمنية للمجتمع ويتفادى المواطن المخاطر التي قد تهدد أمنه الاجتماعي والاقتصادي والفكري والروحي. ولن يتحقق هذا المطمح إلا من خلال إيمان هذا المواطن إيمانا راسخا ومتينا بكونه الحلقة الهامة والرئيسية ضمن حلقات تنزيل القانون وإنفاذ مقتضياته في حق كل من سولت له نفسه تهديد أمن المجتمع وسلامته.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)