السلطات القضائية ترفض التدخل في شؤونها وقراراتها تطبيقا لمبدأ استقلالية القضاء..

القضاء

السلطات القضائية ترفض التدخل في شؤونها وقراراتها تطبيقا لمبدأ استقلالية القضاء..

 

تقدمت المندوبية العامة لإدارة السجون ببلاغ يوم الاثنين 07 غشت 2023 عبرت فيه عن مدى قلقها من الارتفاع المتزايد بمختلف المؤسسات السجنية بالمغرب، وأوضحت للرأي العام أن الطاقة الاستيعابية للسجون لا تكفي هذا الكم الهائل من السجناء، وأشارت إلى المشاكل المتوقع مواجهتها سواء فيما يتعلق بظروف الإيواء، التغذية،الصحة،وكذا برامج الإدماج. مما دفعها إلى دعوة السلطات القضائية لإيجاد حلول بديلة لحل هذا الإشكال المطروح، والذي يرجع أساسا للوثيرة الحالية للاعتقالات.

كما رد رئيس نادي قضاة المغرب السيد عبد الرزاق الجباري من خلال تصريحه للصحافة بأن مطلب إدارة السجون فيه نوع من محاولة التأثير على قرارات الإعتقال المحتمل اتخاذها مستقبلا وهذا يتنافى مع مقتضيات الدستور والقانون والمعايير الدولية المتعلقة بالإستقلالية القضائية، مشيرا إلى أن إشكالية الإعتقال الإحتياطي لها عدة أسباب وعوامل يرجع معظمها إلى عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية، باعتبار أن السلطة القضائية تطبق القانون فقط، ولعل أهم العوامل المسببة لهذا الاكتظاظ راجع إلى السياسة الجنائية التي تنهجها الحكومة والقائمة على العقوبة السالبة للحرية كحل لمواجهة الجريمة عكس ماتقوم عليه السياسة الجنائية المعاصرة، والتي تهدف إلى اعتماد التدابير الوقائية للحد من مسببات الجريمة قبل وقوعها، وذكر عامل آخر ساهم بشكل كبير في ارتفاع نسبة الجرائم بشتى أنواعها، وذلك بسبب تراجع بعض المؤسسات عن القيام بدورها في التربية والتهذيب كالأسرة، المؤسسة،المسجد،الإعلام وغيرها…مما يستدعي ضرورة تأمين المواطنين، والملاحظ أنه لا يوجد مواكبة لذلك من خلال بناء مؤسسات سجنية لإعادة تأهيل الجناة وتوفير طاقة استيعابية كافية لتغطية الخصاص .

من جهة، تحدث السيد عبد الرزاق الجباري عن ارتفاع حالة العود بشكل ملحوظ نتيجة فشل برامج إعادة التأهيل والإدماج والسياسة العقابية، وكذا عدم تفعيل مؤسسة الإفراج المقيد بشروط تحت إشراف لجنة إدارية يترأسها وزير العدل أو من ينوب عنه، بالمقابل صدر عن مدراء المؤسسات السجنية نفسها الإفراج عن بعض الأشخاص الذين اتضح تحسن سلوكهم، هذا في حد ذاته وسيلة فعالة للمساهمة في تقليص نسبة النزلاء، وأضاف رئيس نادي قضاة المغرب عامل آخر يهم تعتر ورش مراجعة مجموعة القانون الجنائي الذي كان الهدف منه رفع التجريم على العديد من السلوكات البسيطة والتخفيف من اللجوء التشريعي إلى العقوبة السالبة للحرية، بالإضافة إلى تعثر ورش مراجعة قانون المسطرة الجنائية والذي يرمي إلى إقرار العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة و كذا توسيع صلاحيات قاضي تطبيق العقوبة وتنفيذ بعض الأحكام القضائية التي تدين إيداع المحكوم عليهم في المؤسسات العلاجية إما لانعدام مسؤوليتهم بسبب ضعف عقلي أو نقص عقلي وذلك لتطبيق مقتضيات القانون الجنائي ومراعاة مبدأ المحاكمة العادلة وهو ماتم تسجيله في تقارير النيابة العامة وتقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان سنة 2022. كما تطرق السيد الجباري لعامل آخر يرتكز على عدم تنفيذ الأحكام القضائية الرامية لإخضاع الجناة للعلاج من التسمم الناتج عن استعمال المخدرات طبقا للفصل 8 من ظهير 21 ماي 1974، مراعاة لحقهم في العلاج بسبب عدم إحداث مصحات خاصة بذلك وهو ما تم رصده في جميع تقارير رئاسة النيابة العامة منذ تأسيسها. وقال أن عددا لابأس به من المعتقلين يقضون مدة الإكراه البدني نتيجة لعدم قدرتهم على تسديد الديون العمومية بناء على مسطرة تحصيل هذه الديون كما هو مقرر في القانون.

و من جهة أخرى، أعلنت جمعية رابطة قضاة المغرب عن تفاجئها من بلاغ المندوبية، وأفادت أنها ترفض رفضا تاما أي تدخل من شأنه المس باستقلال السلطة القضائية أو التأثير على قرارات قضاتها الملزمين بالتطبيق السليم والعادل للقانون بما في ذلك تعليل قراراتهم المرتبطة بالمتابعات في حالة اعتقال أو سراح، كما ترفض أي توجيه أو تدخل في الشأن القضائي، إذ اعتبرت أن المخاطب الوحيد للمندوبية العامة لإدارة السجون هو رئاسة الحكومة الوصية على هذا القطاع من أجل دعوتها إلى توفير الإمكانيات المادية واللوجيستيكية اللازمة لحل هذه المشكلة.

و أشارت رابطة قضاة المغرب إلى أن الرأي العام الذي خصته المندوبية العامة بهذا البلاغ هو نفسه الذي يندد بمحاربة الجريمة وعدم التساهل مع المجرمين وعدم الإفلات من العقاب، وبالتالي تحقيق الردع خاصة مع تزايد النمو السكاني الذي يعرفه المغرب في الآونة الأخيرة، حيث عرف تفاقما للجريمة.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)