انتهاكات البوليساريو لحقوق الإنسان في مخيمات تندوف: صرخة من أجل الحقيقة والعدالة
يصادف الرابع والعشرون من مارس من كل عام اليوم الدولي للحق في معرفة الحقيقة بشأن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان واحترام كرامة الضحايا، وهو مناسبة تتجدد فيها الدعوة لكسر جدار الصمت وإلقاء الضوء على المعاناة الإنسانية التي تتكبدها الضحايا جراء انتهاكات حقوقية جسيمة. في هذا السياق، تبرز قضية مخيمات تندوف في الصحراء الشرقية كمثال صارخ على هذه الانتهاكات، حيث تستمر جبهة البوليساريو في ممارسة سلسلة من الجرائم ضد السكان المحتجزين تحت إشرافها، وسط تقاعس واضح من السلطات الجزائرية التي تتحمل المسؤولية عن الأراضي التي تقع ضمنها هذه المخيمات.
تعد مخيمات تندوف، التي أُنشئت منذ سبعينيات القرن الماضي لإيواء اللاجئين الصحراويين، بيئة خصبة لانتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها البوليساريو بشكل ممنهج. فقد وثقت تقارير دولية وشهادات ضحايا وناجين من هذه المخيمات جرائم مثل التعذيب، الاختفاء القسري، الإعدامات التعسفية، والقمع السياسي ضد أي صوت معارض. على سبيل المثال، أشارت منظمات حقوقية مثل “هيومن رايتس ووتش” و”أمنستي إنترناشيونال” إلى حالات تعذيب في مراكز احتجاز سرية تديرها البوليساريو، مثل سجن “الرشيد” السيئ الصيت، حيث يتعرض المعتقلون لمعاملة قاسية وغير إنسانية. ومن بين الضحايا المعروفين أشخاص مثل الفاضل بريكة، الذي كشف عن تجربته كمعتقل سابق، واصفًا التعذيب الجسدي والنفسي الذي يمارسه هذا الكيان ضد معارضيه.
إلى جانب ذلك، يعاني سكان المخيمات من تقييد شديد لحرياتهم الأساسية، أبرزها حرية التنقل والتعبير. فالبوليساريو تفرض حصارًا عسكريًا وإعلاميًا يمنع السكان من مغادرة المخيمات أو التواصل بحرية مع العالم الخارجي، مما يحرمهم من أبسط حقوقهم كلاجئين. وتتفاقم هذه الأوضاع بسبب استغلال الأطفال، حيث كشف نشطاء حقوقيون عن تجنيد الأطفال قسرًا وإرسالهم للتدريب العسكري في مناطق نائية، في انتهاك صارخ لاتفاقية حقوق الطفل التي صادقت عليها الجزائر. هذه الممارسات لا تعكس فقط غياب الحماية القانونية للسكان، بل تؤكد أيضًا تواطؤ السلطات الجزائرية التي تتنصل من مسؤوليتها في ضمان احترام حقوق الإنسان على هذه الأراضي التي ارتبطت تاريخياً بالمغرب الكبير قبل حلول المستعمر الفرنسي الذي مزق تماسك شعوب المنطقة.
اليوم الدولي للحق في معرفة الحقيقة يذكرنا بأهمية محاربة النسيان وتوثيق هذه الانتهاكات لضمان محاسبة المسؤولين عنها. فالتقاعس عن التحقيق في هذه الجرائم، سواء من جانب البوليساريو أو الجزائر، يشكل بحد ذاته انتهاكًا للحق في الحياة والعدالة. وقد أكدت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في تقاريرها قلقها من تفويض الجزائر سلطاتها القضائية للبوليساريو، مما يخلق فراغًا قانونيًا يحرم الضحايا من أي فرصة للإنصاف.
منظور أوسع
تظل قضية انتهاكات البوليساريو في مخيمات تندوف وصمة عار على جبين النظام الجزائري الذي يصمت أمام معاناة آلاف الأشخاص المحتجزين. إن إحياء هذا اليوم الدولي يجب أن يكون حافزًا لتكثيف الجهود الحقوقية لكشف الحقيقة، ومحاسبة الجناة، وإنهاء هذا الواقع المأساوي. فالضحايا يستحقون العدالة، والعالم مدعو للاستماع إلى صرخاتهم وإعادة الكرامة التي سُلبت منهم.
Comments ( 0 )