بين مسرحية “احتفال الجسد” و بين الإحتفال بالمسرح.

بين مسرحية “احتفال الجسد” و بين الإحتفال بالمسرح.

 

من تأليف الدكتور و الناقد المغربي محمد الوادي و إخراج سعيد الخالفي. عرفت مسرحية “احتفال الجسد” جولة وطنية بالعديد من المدن المغربية: الدار البيضاء و بنسلمان و فاس و سلا و زاكورة و ايت ملول.
هي مستوحاة من القصة الأسطورية “قيس و ليلى” و في قالب جديد سينوغرافي. تحكي قصة “ليلى” التي جاءتها رسالة نصية من أجل الالتحاق بملهى ليلي للرقص. فذهبت من الصحراء و الشمس و الضوء إلى “عين الذياب” في عالمه الليلي. و بدأ عاشقها “قيس” في البحث عنها. بين الهروب و اللحاق، عدة أحداث تقع بتفاصيلها.
شخصت المسرحية من طرف فرقة ” محترف الخيال المسرحي” كالاتي:
– أسماء الإدريسي في دور “ليلى”.
– سعيد الخالفي في دور “قيس”.
– كوثر شاكر في دور وسيطة ل “ليلى”.
– منصف الإدريسي الخمليشي في دور المافيا و المجهول.
– أنوار بنسعيد في دور “قاسم” صاحب الملهى.
“المسرحية هي إعادة لاستنطاق التاريخ، و تحمل في طياتها رسائل ضمنية” هذا ما أكده المسرحي منصف الإدريسي الخمليشي.
و لقد تم تشخيص المسرحية بلسان عربي فصيح، عانق خلالها الجمهور المغربي لغة الضاد. بتعابير وجوه المسرحيين و حركات أجسادهم على الركح في عالمهم، بين الخيال و الأسطورة و الواقع.
فحينما يحتفل الجسد بجسده، تختلط الروح و الأحاسيس و يتجسد الإبداع في رقصات و حركات و تلاعب بالفضاء. هو عالم المتناقضات، بين الخير و الشر، الضوء و الظل، الحرية و الأسر، و الحضور و الغياب.
بين” قيس و ليلى” حب لا نهاية له، توحد فيه”ليلى” التراث العربي كرمز للمرأة و العروبة و الأم و الزوجة و الصديقة و الأخت.
“قيس”و “ليلى” هما رمزان للعرب و للعالم بأسره. و لقد ارتبطا بتيمة الحب في أعلى درجاته. و كأنه ذلك اللون الذي يصعب ايجاده وسط كل ألوان الطبيعة من أجل رسم لوحة فنية متناغمة.
تحدث قيس بفلسفة عميقة ، خلال المسرحية، عن “الحضور الممسوخ” لمعشوقته و هو يتأمل فيها و في كل التغيرات التي نحتتها الحياة على جسدها و هي ترتدي اللون الأحمر وسط ديكور من الثوب الأبيض كرمز للعذرية المفقودة.
جسدها الراقص يجسد المعاناة و الألم الذي تعرفه المرأة وسط مجتمعها. فهي تجد نفسها أسيرة، تتمنى معانقة الحرية و الفرار بجلدها، و الفرار من أقنعة المحيطين بها.
خلال بحثه و سفره المتواصل، قالت شخصية “قيس” و الحيرة بادية على وجهه : “حبل التواصل بيني و بين ذاتي تمزق”. و هو يبحث عن ذاته التائهة في عالم يحضره الغياب، بين حبه السرمدي ل “ليلى” و حبه للشعر و الكلمة الموزونة. حياة بعدة ايقاعات تعزفها المعاناة. في بحثه عن ذاته يبحث عن”ليلى” و عن الحب و عن كل القيم الإنسانية الضائعة.
تتخطى “ليلى” رمز المرأة فتمثل الإنسان في كل حالاته: بين القوة و الضعف. يتشكل الحب في المسرحية بعدة أشكال و أنواع : بين حب الحب و حب المال و حب الآخر و حب الذات و حب الألم.
جالت المسرحية أماكن عديدة بين الزمكان، و جالت في التراث العربي القوي، تاركة عدة تساؤلات و علامات استفهام لا تنتظر الإجابة بقدر ما تحرك الضمير.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)