“تستاهل أحسن” ما في المعاناة.. لقد أتمم أخنوش بما يناسب

ياسين الرضواني

معذورا يقف أمام كل ما نَدَّعي، من مرادفات المعاناة و الظلم و الألم، فهو لم يعد يفهم لغتنا ربما، لنَتعقّل قليلا و نهدأ، لقد كان منذ تعيينه لرئاسة حكومة المغرب، خارج المغرب، إن لم يكن في قطر، ستجده بالإمارات، و إن لم يكن هنالك، فبالتأكيد ستجده في السعودية. لقد أصبح لا يفهم من يتكلم الدارجة المغربية، بكثرة مجاورته للأشقاء الخليجيين، لقد عاشرهم أربعين يوما، و أصبح منهم، حتى بدأ يرانا قد أصبحنا منهم، جيوبنا كجيوبهم، و تحيتنا، نلقيها بالأنوف، و زَيُّنا عباءة تلمع بياضا، و عمامة سوداء صغيرة وسط كل ذلك البياض و الطمأنينة و السلام المادي و المعنوي.

لقد أصبح كلما عاد للمغرب من أجل إعادة ضبط حقيبة سفره تأهبا للعودة، رفع سعر أشياء كانت تبدو رخيصة، صيانة لكرامتها من جيوبنا العريضة تلك التي تجعلنا نقوى على اقتناء أي شيئ بكل أريحية، بل و نحيي بقال الحي بعدها بكل فرح و سلام  قائلين “يا هلا يا هلا”. أما ألواح أسعار المحروقات، لم نعد نُتعب رقباتنا للنظر لها، نمنح العامل بالمحطة أجرة أسبوع من العمل و نترك له الباقي دون أدنى تردد، رغم أنه لا يبقى له أي شيئ بنفس الأجرة التي نمنحها له في اليوم الموالي، بحيث لم يعد يختلف نظام تلك اللوحات مع نظام العداد، أصبح السعر دقيقة، و ما بعد الفاصلة ثواني.

أما اللقاح، لقد وجد كل ما انتظره من البرنامج الانتخابي قبل الثامن من شتنبر، فكرامته الاجتماعية أصبحت مرتبطة بأجرة الموظفين الشهرية إن ظلموه و لم يكترثوا له، مثلما لم يعد يكترث المواطن المغربي للنظام الصحي بعدما أصبح لا يناقش جودته العالية من حيث الحديث، بحيث رأى خوف الدولة عليه من الموت في كل خرجة إعلامية، إن لم يلقح، مثلما تخاف من أن يعالج بسرعة و كرامة قد تفسدان عليه الموت.

و من منا أصبح يكترث للتفريق بين رئيس حكومة الدولة و وزير خارجيتها، لقد أصبح الأمر صعبا، علينا و على وزير الخارجية الذي أصبح كلما التفت للكرسي جانبه بالطائرة إلا و وجد رئيس حكومته الذي تركنا مع فراغ سياسي جعلنا سائمين كمواطنون من دول الأعلى دخلا في العالم، و أصبحنا نطالب فقط بمناقشة هموم المواد الأساسية و المحروقات و التلقيح، و ضمان كرامتهم أكثر فأكثر منا نحن المرفهين و المتمتعين في جلسات “وناسة”.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)