دور الموارد البشرية في تحقيق الأهداف العليا للتعليم: التحديات و الفرص بالمدارس المتضررة بعد الزلزال

دور الموارد البشرية في تحقيق الأهداف العليا للتعليم:

التحديات و الفرص بالمدارس المتضررة بعد الزلزال

 

 

 

طرحت الجهود المبذولة حتى الساعة والموجهة بالأساس لإعادة الأمور لطبيعتها لدى سكان المناطق المتضررة بالزلزال الكبير ،العديد من المبادرات الخلاقة و البرامج لإعادة البناء و توطين الساكنة بعد تضميد جراح المكلومين، خاصة لدى الاطفال و الشباب للانخراط مجدداً بديناميكية الحياة عبر مواصلة دراستهم النظامية بالمدرسة العمومية.

 

لبّى المراهقون و الشباب نداء متابعة الدراسة في مراكش قبل أن يشترطوا على الوزارة توفير معايير السلامة لمتابعة دراستهم بأسلاك الاعدادي و الثانوي ،بانتظار عمليات إعمار مدارسهم النائية المنتشرة بإقليم الحوز، في حين التحق أطفال الإبتدائي بخيام أعدت بهذه المناطق نظراً لصعوبة ترحيل هذه الفئة في الوقت الراهن حسب قول الوزير المكلف، لأن الهدف ، هو تمكينهم من مواصلة الزمن الدراسي ،في إطار الجهود المؤقتة المبذولة من أجل عودة الحياة لطبيعتها .

 

 

التدريس بالداخليات و التدريس بالخيام بالنسبة المتمدرسين هو نمط جديد لم يسبق العمل به بمنطقة الحوز و يشكل تحولا بالنسبة للتلاميذ كما يطرح تحديات للأساتذة،خاصة إذا علمنا أن الاغلبية حديثة التعيين بهذه المناطق و تفتقد لتجربة الحياة بها – لم يسعفهم الزلزال مهلة التعرف على المناطق الوعرة- و هذا ما يستوجب بطبيعة الحال تكوينا تقنيا لمحيط هذه المؤسسات المؤقتة للحفاظ على السلامة و الصحة النفسية، خاصة و أن البناء هنا يهم بناء إنسان تحت الخيام، عبر أداء وظيفة تعليمية صعبة مؤقتاً بانتظار إعادة الاعمار.

 

سبق هذه المجهودات المادية دعم نفسي شعبي. كما كان للملحقين الاجتماعيين و أطر الدعم الاجتماعي و النفسي دور لتهيئة كل الظروف الطبيعية لمواصلة الحياة بعد التأثيرات العاطفية و النفسية على الأطفال و المجتمع بأكمله جراء الزلزال و ارتداداته التي تذكر بفاجعة ليلة الجمعة 8 سبتمبر.

 

لكن بالرجوع إلى محور العملية التعليمية :

 

هل تسعفه(ا) الجهود المبذولة لمواصلة بناء النفوس المحطمة؟

هل تسعفه(ا) المقاربات التي تملى عليه في شكل برامج؟

هل استطاعت الوزارة أن تؤهل (الموارد البشرية)الأساتذة الجدد لمواجهة مثل هذه الظروف ؟

 

تبدوا الاسئلة الأكثر تداولا مرتبطة، و تجيب على كل المتدخلين بقطاع التربية و عن صلاحية التعليم للموارد البشرية و للوزارة و للنقابة ، لتأمين حاجيات الأهداف العليا للتعليم.

 

 

 

 

عند مناقشة صلاحية التعليم ومقارباته المختلفة في إعادة بناء الإنسان لتحقيق الأهداف العليا للتعليم، تتجرد الأهداف المتوخاة من كل نظام أو فئة لتتوحد الرؤى ،بحثا عن حلول.

 

كيف يمكننا النظر في مقاربة الكفايات السببية ومقاربة الكفايات المقاصدية ودراسة تأثيرهما في السياق المزلزل الذي ضرب المدارس النائية و مواردها البشرية والمادية.

على الاقل حتى نستوعب صلاحية المقاربة المعمول بها لمواجهة التحديات القائمة.

بعيدا عن الإحصائيات نلقي نظرة على كل مقاربة على حدة ونقيم صلاحيتها في هذا السياق.

 

1. مقاربة الكفايات السببية: تركز على تطوير المهارات والمعرفة الأساسية التي يحتاجها الطلاب في مجالات محددة. تقوم هذه المقاربة على تحديد الكفايات الأساسية وتحديد الأهداف التعليمية المحددة لكل مستوى تعليمي. ومن ثم تصميم المناهج والمواد التعليمية التي تساعد الطلاب على تحقيق هذه الكفايات.

 

مقاربة قد تكون مناسبة حتى الساعة لما بعد الزلزال ، حيث يمكن أن تساعد في تقديم التعليم الأساسي وتطوير المهارات الضرورية للبقاء والتعافي من الكارثة. على سبيل المثال، يمكن للمناهج أن تركز على تعليم المهارات الأساسية مثل القراءة والكتابة والحساب، وتوفير المعرفة حول السلامة والإسعافات الأولية وكيفية التعامل مع الكوارث الطبيعية، الزلزال هنا .

 

2. مقاربة الكفايات المقاصدية:

مقاربة الكفايات المقاصدية تركز على تحقيق أهداف التعليم العليا التي تخدم المجتمع وتعزز التنمية الشاملة للفرد. مقاربة تعتبر مفيدة في سياق كالزلازل الذي خلف ورائه أشكالا من الدمار، و تعتبر مقاربة الاقرب الى الغايات والمقاصد العليا للتعليم. قد تشمل هذه المقاصد تنمية القدرات الشخصية والاجتماعية والمهنية للطلاب، وتعزيز التفكير النقدي والإبداع، وتوجيه الطلاب نحو تحقيق العدالة والتغيير الاجتماعي الإيجابي.

 

في سياق الزلزال المدمر، يمكن لمقاربة الكفايات المقاصدية توفير فرص لتطوير مهارات الطلاب في التعامل مع التحديات والمشكلات المعقدة التي تنشأ عن الزلزال. كما يمكن تصميم مناهجها التعليمية لتشمل مواد تعزز التفكير النقدي ومهارات حل المشكلات والابتكار، وتشجيع الطلاب على التعاون والتعاطف والمساهمة في إعادة بناء المجتمع المتضرر.يمكن ان يركز من خلالها المدرس على تنمية قدرات مهنية لطلابه، مما يساعدهم في المستقبل على الاندماج في سوق العمل وتحقيق التنمية الاقتصادية. يمكن توفير فرص لتعلم المهارات المهنية المطلوبة في مجالات مثل الهندسة المعمارية والبناء والطب والاستشارات البيئية، والتي يمكن أن تسهم في إعادة بناء المناطق المتضررة وتعزيز استدامتها.

 

 

 

 

و لأن الحياة بهذه المناطق اصبحت قائمة على انقاد زلزال لم يكن متوقعا!

يجب الأخذ في الاعتبار أنه لا يوجد مقاربة واحدة تناسب كل السياقات .

 

 

 

يجب مراعاة بعض العوامل الإضافية في تقييم صلاحية مقاربة الكفايات في نطاق القرى النائية المتضررة. هذه العوامل تشمل:

 

– التوجيه الاجتماعي والثقافي: يجب أن تأخذ مقاربة الكفايات في الاعتبار التوجهات والقيم الاجتماعية والثقافية للمحليين . ينبغي أن تكون المناهج والمواد التعليمية متوافقة مع الثقافة المحلية وتعزز الهوية الثقافية والتماسك الاجتماعي.

 

– التوفر والوصول إلى الموارد: يجب أن توفر مقاربة الكفايات الموارد اللازمة لتنفيذها بنجاح. قد يكون من التحديات القائمة في القرى المتضررة هو توفير البنية التحتية التعليمية الملائمة، والمواد التعليمية، والتكنولوجيا، والموارد البشرية المؤهلة. يجب أن تعمل الجهات المعنية على توفير هذه الموارد وتأمين الوصول إليها للمعلمين و للتلاميذ المتضررين.

 

3. الدعم النفسي والاجتماعي: يجب أن تهتم مقاربة الكفايات في سياق الوضع الحالي بالدعم النفسي والاجتماعي للمتضررين. لقد الزلزال تأثيرات عاطفية ونفسية على الأساتذة و و على التلاميذ والمجتمع بأكمله. ينبغي أن يتم توفير برامج الدعم النفسي والاجتماعي للمساعدة في التعافي العاطفي والتكيف مع التحديات المرتبطة بالكارثة لا غير .

 

 

تقييم هذه النقاط قد يسائل كل المتدخلين في الوقت الراهن كما أن تفسير المقاصد ( بالمعنى الواسع للعبارة ) يبدو مرئيا وغير مؤكد لانه يعكس و يناقض نظام الملاحظة العلمية ،كما يجعل النتيجة علة و سبباً، ومن الكل محرك للأجزاء و من النهاية منطلقاً.

 

و بما أن علة الوسائل المستثمرة راهناً توجد في مآل الفعل. فإن المستقبل هو الذي يوجه الحاضر الآن بهذه المناطق المنكوبة، اي أن الفكرة هذه، حركتها إرادة الاقتحام المفاجئ للدمار من خلال جعل المستقبل يرهن الحاضر و يوجهه.

 

ان التأسيس للتفكير في كفاية المقاصد بلفظها العام ،غالبا ما يأتي نتاج تجاوز قصور الكفاية السببية المهيمنة على سياق الفكر ،لفهم أسس راهنية المقاربة بالكفايات التي تفرض سياق تدويلها في مناحي الحياة المختلفة في التربية و التكوين المرتبطان بالشغل.

 

و تتحدد الكفاية المقاصدية ،القصوى، في قابلية تحددها مع تجدد العصر و التحولات الاجتماعية و الاقتصادية و الأخلاقية المعرفية ،

 

إلا أنها تحتاج :

 

– معيرة المعارف و التماشيات التي ينبغي تحريكها أو تأسيسها (الوجيه المعرفي).

 

– إمكانية القدرة على إعادة معرفة الوضعيات بالنسبة لمدى ملائمة تلك المعارف و التماشيات (الوجيه التحويلية).

 

– الدافع للانخراط في المهمة حتى تصبح ذات صبغة وجدانية و عاطفية و بيئية (الوجيه السوسيو وجداني).

 

 

الصورة الاكبر :

 

كلها نقاط تتطلب درجة كبيرة من التحكم في الموارد المعرفية بمعنى آخر الجدية.

من هنا يمكن أن تلتقي الرؤى حول النظر الكفائي المقاصدي برهانات المقاربة بالكفايات لدى الموارد البشرية و التربية و التعليم و تحقيق الأهداف العليا للتعليم .

 

عبر منظور أوسع

يضع في الاعتبار :

 

1 – رهان المعنى

لأن التفكير في إشكالية المعنى في الغالب، تبدأ عندما يفقد خطاب ما ترابطه و تماسكه الناظم الذي يمكنه من مواكبة التحولات المعرفية، تلك المواكبة التأسيسية التناظمية، لا تلك التأزيمية . بعبارة أخرى في شعور المدرس بكون ما يمارسه (كيفما كانت طبيعة هذه الممارسة )، لا يتيح له إمكانية مواجهة الصعاب الحقيقية التي تواجهه، و التي يفرضها بتحدّ المحيط الذي يعيش فيه.

 

2 – رهان الذكاء

ان اعتبار تصور الذكاء ملكة لحل المشاكل، يلتقي بالابحاث حول ” الموارد البشرية” ،التي تسجل أهمية تعلم “faire face” مواجهة الأحداث الغير متوقعة، في مسار عمل ما، بالنسبة لهؤلاء الباحثين لا يمثل العمل الجيد فقط، spécialisation ثمرة ميزة ،او تأهيل متقدم ؛ و إنما يفترض أيضا ، ما يطلق عليه، بـ الذكاء الوضعياتي” ،الذي يهم تعبئة موارد معرفية من إدماج لمحتويات معارف ،قدرات، الخ ،في علاقتها بالظروف، و عليه ،فاّن تكون كفءا ؛ يعني أن تكون قادراً على تفعيل هذا الذكاء.

 

3 – رهان الأخلاق

إنه كذلك، و كما هو في حضور مشروع بيداغوجي، يتم كذلك بالنسبة للمشروع الديني بوصفه مشروعا يتجه نحو مجتمع محلي و كوني معا، يمكن الحديث عن تبيئة “النظر الكفائي”؛ فالسؤال الذي يمكن طرحه و باستمرار ،هو، : أية كفايات يمكن أن تكون ضرورية ، و لماذا ؟ ما الشخصية التي نريد تكوينها ؟ غنية بأية قيم ؟ هكذا ينبغي العمل على أساسين أخلاقيين :

– جعل التربية و التكوين في خدمة تنمية الشخصية الإنسانية، الاجتماعية (المحلية و الكونية)؛

– العمل على تنفصل الأخلاق بـ ” حسن الأداء savoire-faire” أو “أخلاق المصلحة” بالمعنى المقاصدي للعبارة.

 

4 – رهان التناظم Interdisciplinarité :

في إطار إعادة النظر في قضية العلاقة بالمعرفة كنتيجة لإعادة النظر في قضية الذكاء، حيث بموجبه أصبحت المعارف مجرد “موارد” للتعبئة و التحويل، مواجهة و اكراهات مفاجآت اللايقين.

 

 

 

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)