ستة أوجه للعولمة .. (مراجعة في أروقة الكتب)

ستة أوجه للعولمة ..
(مراجعة في أروقة الكتب)

 

في ظل تسارع ايقاع الحياة الذي يشهده عالم اليوم، ظهرت مفاهيم جديدة للعولمة مع أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، حيث استطاعت العولمة أن تكسر الحدود كما انتشلت الملايين من براثن الفقر.

أما جانبها السيئ، فهو أن العولمة تعزّز من الشعبوية وكذلك التنافس بين القوى العظمى الذي بدوره يؤدي إلى تشرذم قطع الشطرنج على خارطة العالم.

في هذا السياق المتضاربة يقدم كل من “أنثيا روبرتس” و”نيكولاس لامب” في كتاب “ستة أوجه للعولمة” دليلا للمناقشات العامة حول فضائل العولمة الاقتصادية و الرذيلة التي ساهمت في انتشار الفقر ، حيث يكشف عن أهم أوجه الاختلاف التي تفرقنا ونقاط الاتفاق التي قد تجمعنا معاً..

ويتمثل منهج الكتاب في سرد ست روايات متنوعة حول فضائل العولمة ومساوئها:
ابتداءً من وجهة النظر القديمة التي أسست للعولمة ،اي انها مسار انفتاح شعوب العالم اقتصاديا وثقافيا على بعضها بعضا، وانتهاءً بالاعتقاد المتشائم بأنها جاءت لسحق ثقافتنا وأنها تهددنا جميعًا بالأوبئة وتغير المناخية و الكوارث .

“ستة أوجه للعولمة” هو كتاب يبحث على مستويين: – المستوى الأول، يناقش ظاهرة العولمة، بما في ذلك التجارة الدولية، ودور الشركات متعدّدة الجنسيات، ومنافسة القوى العظمى، وعدم المساواة، والقضايا البيئية.
– المستوى الثاني يركز على كيفية صنع السياسات في أوقات الاستقطاب، حيث اصبح الحوار الحقيقي مستحيل، وأن الاتفاق بين مؤيدي وجهات النظر المختلفة أصبح صعب المنال.

بالنظر إلى العولمة، فإنها تعبر بشكل مقنع عن ست روايات متميزة وتعطي كل منها وجهًا بشريًا. على سبيل المثال؛ ترى المؤسسات الاقتصادية الدولية أن التجارة العالمية تنتج اقتصادًا أكثر كفاءة، وأسعارًا أقل، وخيارات أوفر للمستهلك النهائي.

في حين يرى الوجه الشعبوي اليساري المتصاعد أن مكاسب العولمة تم توجيهها إلى الطبقة المتميزة (الأقلية)، مع تزايد حالة عدم المساواة وحرمان الطبقة الوسطى من مكتسباتها .

كذلك؛ يركز علم الاقتصاد الجغرافي – من ناحية الفكر القومي – على المنافسة الاقتصادية والتكنولوجية بين القوى العظمى المتنافسة بين الصين والولايات المتحدة، ويرى الاعتماد المتبادل في التجارة والاستثمار على أنه يخلق نقاط ضعف أمنية.

تساعد الروايات بحسب صفحات الكتاب على تأطير المشكلات وتحديد وحدات التحليل وإخبار القصص عن الفائزين والخاسرين.
من يُعرَّفون على أنهم الأشرار – سواء أكانوا نخبًا أم شركات متعددة الجنسيات، أم أولئك الذين يفشلون في تعويض الخاسرين من العولمة – هم أمر حاسم في كيفية تعريف المشكلة وما هي الحلول المحتملة التي يتم فحصها.

يسلط الفصل الأخير من الكتاب الضوء على أهمية التفكير في المشكلات العالمية بطريقة تكاملية.
بدلاً من التفكير في الأمور من منظور واحد. نحتاج إلى أن نعرف الكثير من الأشياء الصغيرة، ونبدي شكوكنا في الإجابات البسيطة، ونتقبل التناقضات لنفهم العالم مستقبلاً.

يناقش الكتاب أيضا فكرة “العقل المركب” الذي يستقي المعلومات من مصادر مختلفة ويقيمها ويجمع هذه المعلومات معًا بطرق منطقية لا تقبل الاستقطاب و التموقع وراء أيديولوجيا استقطاب الفكر.
يتضمن ذلك الاحتفاظ بوجهات نظر مختلفة ورؤى متنوعة معًا بدلاً من التركيز على فكرة واحدة وتجاهل الأفكار الأخرى أو محاولة دحضها.
في الوقت الذي يمكننا فيه رفض حجج الآخرين ونميل إلى الانقسام إلى قبائل يغلب عليها التشرذم و النعرات، نحتاج إلى مناهج تساعدنا على بناء أرضية فهم مشتركة لمحاولة فهم بعضنا بعضا بدلاً من تلك التي تمحو أي أساس للحوار.
من منظور أوسع:

يقدم كتاب “ستة أوجه للعولمة ‘رؤية شاملة حول واقع العولمة، في محاولة لمساعدة القراء على فهم الوجوه المتعددة للعولمة من خلال تحديد الروايات المتعددة التي تغذي الحركات السياسية المختلفة ووجهات نظر النقاد.

 

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)