شئنا أم أبينا ..ويكيبيديا مصدر موثوق

شئنا أم أبينا ..ويكيبيديا مصدر موثوق

 

 

“لا يكون مصدرك ويكيبيديا؟” هكذا تعبر هذه الجملة عن أحد أقسى أنواع الطعن في المصداقية والتهكم بين المجتمعات العلمية و النخب المثقفة عن مصادر المعلومة.

فويكيبيديا ليست مرجعًا ثابتًا يمكن أن يُعول عليه بحكم إتاحتها التحرير لكل من هب ودب، مما يجعل نص المرجع نفسه عرضة للتغير.

ويكيبيديا مشروع فاشل على الورق..

لو عرضت فكرة موسوعة ويكيبيديا نظريًا على أي شخص في الماضي فغالبًا سينفجر ضاحكًا في وجهك ظنًا بأنك تمازحه! أتقول بأنك تنوي إنشاء موقع ثقافي معرفي يتحدث عن أي شيء وكل شيء من دون كتّاب أساسيين؟ والتعديل حق مشروع للجميع دون أي شروط؟!! وتود السيطرة على الذباب بجعل “تدقيق المدقق يُدقق؟”

ويكيبيديا.. وناجح على الواقع

بالرغم من الطعن في مصداقية ويكيبيديا، لكن نموذجها بني بشكل أساسي على إتاحتها للتدقيق المفتوح، لكن هذا بالضبط ما يجعلها أهلًا للثقة، فقد وفرت ويكيبيديا منصة تسمع للجميع، مما يعني قصصًا أكثر، وثقافات أوسع، وأصواتًا جدد، ومساحة لإستقبال الحقائق التي لم يكلف أحدا نفسه بالسؤال عنها.. وهكذا أصبحت ويكيبيديا السبيل لمعرفة الجوانب الجديدة في عالم المعرفة.

كيف أصبح النموذج الفوضوي منضبطًا ؟

الخط التحرير في ويكيبيديا متاح لجميع القراء -بإستثناء بعض المحتوى المحمي- لكن من بين مئات ملايين القراء في الشهر الماضي لم يكلف أحدًا نفسه التعديل على المحتوى بإستثناء 122 ألف قارئ، يعني أن النموذج يعمل بطريقة مشابهة لـ “كل ممنوع مرغوب” فقد دفع فتح أبواب التحرير على مصراعيه القراء للزهد برغبة التحرير؛ لدرجة أنك لو أجريت تعديلا واحدًا على الموقع لا يتجاوز إضافة التنْوين على كلمة ما فإنك ستصبح من الـ 30% الأكثر تحريرًا على الموقع! جميل! حاول بإضافة بعض الحقائق لديك!

إضافة على ذلك فإن ويكيبيديا تعتمد في التحرير على التدقيق المضاعف، أي أن كل مدقق سيأتي بعده سيل من المدققين لمراجعة صحة تدقيقه، وهي طريقة مشابهة لـ “مراجعة الأقران” المتبعة في الأبحاث العلمية؛ ولكن بدلًا من أي يراجع عدد من الزملاء مقالتك ستجد نفسك بمواجهة ملايين محاولات التدقيق من البشريين والروبوتات على حد السواء، وهكذا جادل خبراء الإعلام بأن مقالات ويكيبيديا قد تنافس الأبحاث الأكاديمية في دقتها.

..بعيدًا عن ملعب الأموال

لو بحثت عن أي سؤال الآن فمن المرجح أن يظهر لك مقال من ويكيبيديا يحمل الأجوبة التي تودها، حيث تأتي 83% من زيارات الموقع عن طريق البحث المباشر، و السبب أن ويكيبيديا اختارت تجنب سوق الإعلانات برمته، وأخذت الكرة وخرجت من الملعب. وهكذا خيبت ظن المعلنين لكنها كسبت ثقة القراء، فقد أصبحت بعيدة عن خسارة مصداقيتها تحت تحديد سلاح التمويل.

منظور أوسع

ويكيبيديا مشروع غير ربحي، ورغم روعة التأثير على مصداقيتها لكنها حتى الآن تعتمد بشكل أساسي على أموال الدعم لتغطية تكاليفها التشغيلية التي بلغت 146 مليون دولار في العام الماضي وحده؛ لكن التحدي الأكبر الآن يكمن بحماية نفسها من تعديلات الذكاء الإصطناعي التي قد تفتك بها مع نموذج التحرير المفتوح.

 

Share
  • Link copied
Comments ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (Number of characters left) .