معاناة عاملات النظافة بالمغرب

عاملات النظافة بالمغرب مشكل إجتماعي يجمع بين خرق القانون وإهمال الجهات المسؤولة


عاملات النظافة بالمغرب مشكل إجتماعي يجمع بين خرق القانون وإهمال الجهات المسؤولة

 

 

 

تواجه معظم الدول صعوبات في مختلف مجالاتها، تتفاوت حدتها من بلد لآخر، إلا أن معظمها تشترك في عامل جد مهم ألا وهو العامل الإجتماعي، حيث يعرف مجموعة من المشاكل التي توحد الدول كلها نذكر على سبيل المثال: مشكل الفقر، البطالة، العنف،الإدمان،التمييز العنصري …وغيرها من المشاكل الإجتماعية الأخرى التي تستدعي إجراء أبحاث معمقة محضة تعالج عدة قضايا تهم المغرب بصفة خاصة، سنتطرق إليها من خلال سلسلة من المقالات التي تتناول كل قضية على حدى ونفصل فيها بشكل واضح، بل قد نتحدث مستقبلا على القضايا الاجتماعية التي تواجهها باقي الدول لما لا. ويبقى الهدف المنشود هو إيجاد حلول بديلة وإيجابية لهذه الوقائع وبالتالي هذه هو دور صحافة الحلول، و التي تعتبر الصحافة الهادفة والفعالة لتحقيق دورها الأساسي داخل المجتمع.

و من أبرز المشاكل الإجتماعية التي يواجهها المغرب، والتي تستهدف الفئة البسيطة والشغيلة من النساء كونهن الحجر الأساس في بناء المجتمع،لكن مع الأسف نجد بعضهن مضطهدات ويتعرضن للمضايقات سواء في العمل أو خارج نطاقه، كالسب والشتم والإستهزاء إلخ….

ارتأينا أن نختص بالذكر في هذا المقال عاملات النظافة بين خرق أرباب العمل للقانون وإهمال المسؤولين لهذا القطاع، والذي ساهم بشكل أو بآخر في تفاقم الوضع وتعرض هؤلاء الفئة لأبشع صور الإستغلال بشتى أنواعه، حيث أن العديد من العاملات يشتكين من انتهاكات عديدة أثناء مزاولتهن لمهامهن، إذ يعملن لساعات طويلة قد تصل إلى 12 ساعة إما بالليل أو بالنهار حسب نوعية العمل وكذا الطلب وفي بعض الأحيان لا يخضين حتى باستراحة الغذاء بمقابل أجر هزيل لا يكاد يسد احتياجاتهن الأساسية، فقط لحفظ كرامتهن من التدلل للغير . والخطير في الأمر أن عاملات النظافة ليست لديهن أية وثيقة تضمن حقوقهن المشروعة مثلا حرمانهن من التغطية الصحية والضمان الإجتماعي وعدم تعويضهن عن حوادث الشغل، ومع ذلك يتكبدن الصعاب خوفا من تسلط المشغلين وقسوتهن عن طريق تعرضهن للطرد التعسفي باعتباره الدافع الأساسي الذي جعل بعض الحالات التي رفضت تقديم تصريحهن لجريدة المنظور تيفي بريس، بل طالبن بعدم ذكر أسمائهن أيضا.

بالمقابل فإن عاملات النظافة بالمغرب لهن وظائف في أماكن مختلفة:الإدارات،المطارات،المطاعم،المكاتب،المستشفيات،و البيوت من أجل كسب لقمة العيش وتحمل مسؤولياتهن التي تختلف من واحدة إلى أخرى لكن توحدهن المأساة، وبعد إجراء عدة مقابلات مع بعض النساء منهن من صرحت بأنها تتوفر على وثائقها القانونية أما الباقي يتجرع مرارة العمل ومرارة ضياع حقوقهن مع العجز عن المطالبة بها خوفا من تسريحهن وهن في أشد الحاجة لذلك الأجر المخزي، كما أن الأمر لا يقتصر على هذا الحد فقط، بل إن هؤلاء العاملات يشتكين من نظرة بعض فئات المجتمع والتي وصفوها بالإستصغار والإستفزاز وهو ما يحز في نفوسهن التي أهلكتها مخلفات المشاكل التي عايشناها.

من جهة، فإن وضعية عاملات النظافة بالمغرب تثير إشكالات اجتماعية وقانونية، نظرا لوضعيتهن الهشة التي تعرضهن للإستغلال الرأسمالي من طرف أرباب العمل تفرضه حاجتهن الضرورية للعمل كون أغلبهن ينتمين للطبقة الفقيرة المغلوب على أمرها.

و من جهة أخرى، فإن التأطير القانوني الذي يطبق على حالات ووضعيات هذه الفئة من الشغيلات هو قانون الشغل، سيما أن مدونته تنص على مجموعة من المواد القانونية لحماية العمال، إلا أن تطبيقها على عاملات النظافة يبقى جد محدود، وذلك راجع إلى طبيعة المهنة والعلاقة التي تربطهن مع المشغل، مما أصبح يطرح إشكالات قانونية أمام المقاولات والشركات المشغلة لهن والمتمثلة في الترسيم لكي لا تضيع حقوقهن و لتفادي تشغليهن بصفة عشوائية، هنا يتضح أهمية تمثيلية هذه الشريحة من العاملات عن طريق إنشاء نقابات تحقق أملهن في إيصال مطالبهن للجهات المسؤولة بغية إيجاد حلول واقعية وعادلة بل دائمة.

في الختام، يبقى الهدف الأساسي هو التزام الإدارات العمومية والجهات المسؤولة بفرض سيادة القانون وجعله من أولوياتها عن طريق إلزام أرباب العمل بضمان الحقوق الإجتماعية والقانونية لعاملات النظافة بالمغرب، وضرورة توفرهن على بطاقة مهنية و بالتالي تحديد الأجر على أن لا يقل عن الحد الأدنى القانوني للأجور. وبالتالي هل ستتحسن وضعية هؤلاء العاملات و يمتعهن القانون بحقوقهن المشروعة؟ أم سيبقين عرضة للتهميش والاستغلال والإضطهاد من طرف المشغلين ؟

ما هو دور الجهات المسؤولة في حل هذا الإشكال المطروح؟ ولماذا لا يحضى هذا القطاع بمزيد من التعديلات والإلتفاتات؟

هل نرى مستقبلا تقنين هذا القطاع أم سيظل عشوائيا؟

وتبقى حالة عاملات النظافة واحدة من مجموعة من المشاكل الإجتماعية التي تعرفها بلدنا و كما عودنا متابعينا فإننا ننقل لكم الحدث بنظرة شاملة، و لازلنا مواصلين سلسلة البحث في هذه القضية الإجتماعية حيث سنوافيكم بتصريحات الأطر القانونية والإدارية حول هذا الموضوع في مقال آخر.


 

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)