عملية “طوفان الأقصى” تعيد سؤال ” لمن الأرض ؟” إلى الواجهة ..

عملية “طوفان الأقصى” تعيد سؤال ” لمن الأرض ؟” إلى الواجهة ..

 

استيقظ العالم في صبيحة السابع من أكتوبر 2023 على وقع خبر عملية عسكرية غير مسبوقة لقوات حركة “حماس” الفلسطينية، اجتاحت من خلالها غلاف غزة وكسرت الحصار المفروض على القطاع منذ سنوات عدة.

العملية التي أُطلق عليها “طوفان الأقصى” تأتي بعد 24 ساعة فقط على ذكرى مريرة بالنسبة للإسرائيليين، هي حرب السادس من أكتوبر عام 1973، أو حرب “يوم كيبور” وفقا للتسمية الإسرائيلية. اسرائيل التي وجدت نفسها أمام تجربة أكثر قسوة أعادت للأذهان ما حدث قبل 50 عاما.

فقد استيقظت تل أبيب على صفارات الإنذار التي دوت في عديد المدن، وأطلقت العنان لبداية عملية نوعية غير مسبوقة تبنتها كتائب “القسام”، الجناح العسكري لحركة حماس، وأطلقت عليها اسم “طوفان الأقصى”، وقالت إنها رد على اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين في القدس، واستمرار الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة والتمدد في سياسات الإستيطان والتهويد الممنهج من طرف الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة.

وبدأ الهجوم الصاروخي غير المسبوق لكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الفلسطينية (حماس)، صباح السبت 7 من أكتوبر 2023، ولم يكن الهدف الرئيس من الهجوم الصاروخي للحركة، كما بدا لاحقا، إلا التغطية على هجوم أوسع وأكثر تعقيدا، نجح من خلاله نحو ألف مقاتل من مقاتلي حركة حماس، وحركات أخرى متحالفة معها، في اجتياز الحواجز الأمنية إلى داخل الأراضي والمستوطنات الإسرائيلية عبر الجو والبحر والبر، في فشل أمني واستخباراتي واسع لم تشهده إسرائيل منذ حرب أكتوبر 1973، حيث أسفرت العملية – حتى مساء يوم الأحد – عن مقتل أكثر من 600 إسرائيلي، وإصابة قرابة 2200 آخرين، فضلا عن أسر نحو 100 من العسكريين والمدنيين الإسرائيليين ونقلهم الى غزة.

العملية العسكرية الفريدة من نوعها لفصائل المقاومة الفلسطينية حصدت عدة نقاط في ميزان الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، فبجانب الخسائر البشرية في صفوف قوات الإحتلال الإسرائيلية وبسط السيطرة على عدد من المناطق الجديدة، فقد أعاد “طوفان القدس” الروح للمقاومة الفلسطينية على الأرض بعد سنوات من “الغيبوبة”، كما هزت بشكل واضح الثقة في صفوف المحتلّ وجعلت المستوطنين يعيشون ساعات متواصلة من الرعب، في وقت حجّ فيه المئات لمطار “بن غورين” لمغادرة الأراضي المحتلة.

الأمر لم يتوقف عند الخسائر البشرية والعسكرية والمعنوية، فقد خلفت عملية “طوفان الأقصى” خسائر أخرى فادحة اقتصادياً وسياسياً ودبلوماسياً، فقد قلّصت بشكل واضح من منسوب الثقة الذي يحضى به الإحتلال لدى المستثمرين، وضربت صورته عتاده العسكري، وكسرت أسطوانة الأمن والاستقرار التي لطالما تغنى بها أمام العالم، وأخيرا جعلت الشكوك العنوان الأبرز لاتفاقيات السلام المبرمة مع عدد من الدول العربية المجاورة وبات التخوف هو العنوان الأبرز للمرحلة المقبلة.

تعيد إذن عملية “طوفان الأقصى” السؤال التاريخي المركزي في القضية الفلسطينية ؛ لمن الأرض؟
تعيده إلى الواجهة من جديد بعد أن تم “تغييبه” لسنين، لتبعثه الفصائل الفلسطينية الصامدة من رماده.

 

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)