فلسفة برتولد بريشت وأثرها في المسرح المغاربي

برتولد بريشت

فلسفة برتولد بريشت وأثرها في المسرح المغاربي

 

إن الحديث عن المسرح في العالم الغربي أو في العالم العربي يجب ربطه بالأساس بالسياق التاريخي والاجتماعي والسياسي لكل الحضارات منذ الولادة الأولى لهذا الفن الضارب في التاريخ .

ورجوعا لفلسفة برتولد بريشت نجد أن الدراماتورجيا الالمانية عرفت اهم انفلات جمالي من التقاليد الدرامية التي هيمنت على الساحة المسرحية الغربية الى حدود منتصف القرن العشرين باعتبارها دراماتورجيا تنويرية أساسها مخاطبة العقل وزرع بذور المعرفة فيه.

إن فلسفة بريشت تعتمد بالأساس على التغيير وذلك من خلال اشراك المتلقي في العملية الابداعية المسرحية بل ومشاركا فيها من خلال عدة تقنيات مسرحية وظفها هذا الكاتب الألماني المتفرد باساليب فنية ملحمية بغية تثقيف وتغيير المشاهد .

إن فلسفة بريشت تخالف المفاهيم الدرامية الشاسعة مخالفة صريحة في كل مناحيها وأصولها إذ تتعرض للفن المسرحي بشكل جديد تمام الجدة وبمضمون مبتكر كل الابتكار يتمثل في التغريب فالى اي مدى اثرت فلسفة بريشت على المسرحيين المغاربيين ؟ وماهو السبب من وراء ميل رواد المسرح المغاربي إلى الملحمية البريشتية نصا واخراجا ؟.

تجليات المسرح البريشتي في المسرح المغاربي

اهتم رواد المسرح الملحمي المغاربة بتصوير الفساد والاستغلال اللذين تتعرض لهما بلدانهم .ومحاربة البورجوازية والطبقية التي استغلها البعض في ظل الاستعمار وكذلك حث الشباب الثورة على المحتل .

1 المغرب

في ظل الأوضاع المتردية التي كان يمر منها المغرب إبان مرحلة الاستعمار كان من اللازم على المسرحيين المغاربة تبني تجربة برتولد بريشت الملحمية اذ وجد مجموعة من المسرحيين ظالتهم في المسرح الملحمي بمفاهيمه البريشتية التي حولها رجال المسرح الى اداة لتوعية الجمهور وتعريفه بواقعه وحثه على التغيير . ومن أبرز المتأثرين ببريشت نجد محمد إبراهيم بوعلو حيث نجد مسرحياته دعونا نمثل ووثائق من القرن العشرين وعودة الاوباش خير نموذج للمسرح الملحمي .

بالاضافة الى اسم بارز في الساحة المسرحية المغاربية والعربية وهو الطيب الصديقي الذي انفتح على المسرح الغربي وقام باقتباس عدة مسرحيات عالمية وقام بإخراجها قبل أن يؤلف مسرحيات تستمد مواضيعها من التراث أو من التاريخ سالكا بذلك نهج بريشت. والمغرب كغيره من البلدان العربية جعل من المسرح منبرا للنضال ضد المحتل إبان فترة الاستعمار. فالطيب الصديقي ساهم مساهمة بناءة في بناء وتقديم التراث بصيغة عصرية تنفتح على باقي الفنون .

2 تونس

بدأت ملامح المسرح التونسي تظهر للوجود في الثلاثينيات من القرن الماضي من خلال الجمعيات الثقافية التونسية .التي ظهرت في تلك الفترة والتي تزعمها انداك جبل أمن بالترابط بين الفن وبين الشارع . ومن بين الأسماء الوازنة في المشهد المسرحي التونسي نجد عزالدين المدني وتجربته الرائدة حيث جرب تكييف المفاهيم الملحمية مع التذوق الجمالي والفكري للجمهور العربي بغية المساهمة في تغيير مفاهيمه .كما دعا المدني الى الى تحريض العرض المسرحي من إطار القوانين واحياء الأشكال التراثية القديمة .وتعتبر تجربة المدني في لجوئه الى اثراء نصوصه المسرحية بمصادر تراثية تجربة ريادية في المسرح المغاربي والعربي متأثرا بذلك بتجربة الألماني برتولد بريشت الذي اعتمد في مسرحياته على التراث بغية تغيير الحاضر وبناء المستقبل .

إن الغاية من تبني المسرحيين المغاربيين لمنهج برتولد بريشت ليس هو اتباع الجانب الجمالي والفني فقط بل تنوير العقول العادات السائدة التي تسلب حريتهم وكرامتهم وبهدا انفتح جيل كبير من المهتمين بالشأن المسرحي على هذه التجربة المتميزة والمتفردة محاولين الانفتاح على شتى المدارس الغربية لأن الثقافة التي لا تنفتح تموت .

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)