دنيا الحجاجي
تعتبر التربية الجنسية من المواضيع التي يغفل عنها المجتمع. و من أجل التسليط على هذا الموضوع الحساس و الذي يستحق كل الاهتمام, قامت جريدة المنظور بريس بحوار مع الطبيبة و الباحثة في التربية الجنسية فدوى توفيق للإجابة على أهم التساؤلات.
- ما معنى التربية الجنسية؟
لقد تم تعريف التربية الجنسية بعدة تعاريف ونحن هنا سنورد تعريفا جامعا لهذه التربية. فالتربية الجنسية هي إمداد الفرْد بالمعلومات العلميَّة، والخبرات الصحيحة، والاتِّجاهات السليمة، إزاء المسائل الجنسيَّة، بقدر ما يَسمح به النموُّ الجسمي الفسيولوجي والعقْلي الانفِعالي والاجتِماعي، وفي إطار التَّعاليم الدينيَّة والمعايير الاجتِماعيَّة والقِيَم الأخلاقيَّة السَّائدة في المجتمع؛ ممَّا يؤدِّي إلى حسن توافُقه في المواقف الجنسيَّة، ومواجهة مشكلاتِه الجنسيَّة مواجهةً واقعيَّة، تؤدِّي إلى الصحَّة النفسيَّة.
- ما هو الفرق بين التربية الجنسية والثقافة الجنسية؟
الثقافة الجنسيَّة تَختلف عن التربية الجنسيَّة؛ لأنَّ الثقافة الجنسيَّة عبارة عن مجموعة معلومات متعلِّقة بالجنس، بشتَّى صورِه وأشكاله؛ المباحة والمحرَّمة، الإيجابيَّة والسلبية.
أمَّا التربية الجنسية، فإنَّها تعني: بناء الاتجاهات الإيجابية لدى الاشخاص في إطار التعاليم الدينيَّة، والمعايير الاجتماعيَّة، ممَّا يؤهِّلهم إلى تجاوز المشكلات والأزمات الجنسيَّة التي قد تواجِههم في فترة ما قَبل الزَّواج، وإلى كيفيَّة إشباع هذه الغريزة الإنسانيَّة بالطريق المشروع (الزواج)، ومن ثمَّ العيش في استقرارٍ نفسي، يَعقبه سعادة زوجيَّة وأسريَّة، وبناء مجتمع واعٍ، خالٍ من السعار الجنسي ونتائجه السلبية.
- ما دور التربية الجنسية؟
ان الاسلام قد اشتمل على قاعدة عريضة من مبادىء الثقافة الجنسية و التربية الجنسية, التي ينبغي تفهمها -بالتدريج- من طرف الصبيان و الاطفال و الشباب و الرجال و النساء. فلاينبغي ان يتهم الاسلام بانه وراء مشاعر الخوف و القلق و الرهبة و الغموض عندما تثار قضية من قضايا التربية الجنسية.
الجنس امر فطري و حاجة طبيعية في الانسان ,وبالتالي تكون التربية الجنسية مجالا مهما من مجالات تربية الانسان مثلها مثل التربية الجسدية و الروحية و النفسية …
الانفتاح التكنولوجي الذي يعطي الغث و السمين في هذا المجال ,و المعلومات الجنسيَّة تنتشر اليوم انتشارًا رهيبًا، وبالتالي فإنَّه إذا لم يصاحِب انتشار هذه المعلومات تربية صحيحة موجهة، فأخشى أن تَقع أجيالُنا الحالية والمستقبليَّة في أخطاء ومشكلات خطيرة، وتبقى هذه الأجيال تحمِّلنا المسؤوليَّةَ في عدم القيام بواجبنا تجاهها.
- ما هي عواقب الجهل بالتربية الجنسية؟
بالنسبة للأطفال والمراهقين.
– تعرضهم للاعتداءات الجنسية
– تعرضهم للأمراض المنقولة جنسيا
– تعرضهم لبعض الانحرافات الجنسية كالشذوذ والادمان على الافلام الاباحية والعادة السرية
– تعرض الفتيات للحمل وهذا يترتب عليه اشكالات اجتماعية ونفسية وجسمية خطيرة
للمتزوجين او المقبلين على الزواج.
– امية جنسية تمنعهم من الاستمتاع الحقيقي وتصريف غريزتهم الجنسية بشكل سليم، و هذا طبعا له نتائج كثيرة كالخيانة الزوجية و الطلاق و العقد النفسية …
– جهل بآداب المعاشرة الزوجية الامر الذي قد يوقع الازواج في بعض المحظورات الطبية او الشرعية
– سوء فهم وسوء تعامل مع المشاكل الجنسية التي قد تقع بين الازواج.
- من هي الفئة المستهدفة بالتربية الجنسية؟
بما ان الجنس حاجة فطرية عند كل انسان , فالتربية الجنسية لابد و ان تصاحبه طول فترة حياته.ولهذا فتربية من هذا النوع تستهدف بها الفئات التالية:
الاطفال : وذلك لتزويدهم بالمعلومات الضرورية و المناسبة لأعمارهم كي يتعرفوا على اجسامهم و الفروق الفيزيولوجية بين كلا الجنسين و لنجيب على اسئلتهم و كذا لحمايتهم من العديد من الاخطار و السلوكيات المضرة بهم.
المراهقين : التربية الجنسية في هذه المرحلة مسالة جد مهمة لأنها فترة الميل نحو الجنس الاخر و فترة التحولات الجسدية و النفسية , وغياب هذه التربية في هذه المرحلة قد يعرض ابنائنا للكثير من السلوكيات و الاخطاء و التي تهدد حياتهم الراهنة و المستقبلية.
المقبلين على الزواج : ففي عالم الاسرار و الغموض تنشا الافكار و الممارسات الخاطئة و تكبر الاوهام خاصة حين يجد الشاب و الشابة نفسيهما فجاة امام الزواج و لم يتاهلا بعد لهذا الموقف , فتزداد حيرتهما .فلابد اذن من تربية جنسية سليمة وذلك من اجل رفع وعيهم بالعلاقة الحميمية و مقتضياتها و ما لها و ماعليها و قضايا الدخلة و ما الى ذلك من المواضيع التي ستساعدهم على بدأ حياتهم بشكل صحيح.
المتزوجون : فالتربية الجنسية تصاحب الازواج طيلة حياتهم الزوجية لينعموا بحياة جنسية سعيدة و لتجنبهم الوقوع في بعض المشاكل التي قد تهدد حياتهم العائلية النساء ما بعد الانجاب: للوقاية من امراض الجهاز التناسلي وكشفها المبكر ما أمكن.
- من المؤهل للقيام بالتربية الجنسية؟
الاسرة : باعتبارها المحضن الاول للأطفال,فدور الاباء مهم جدا في تلقين ابنائهم الابجديات الاولى للتربية الجنسية وذلك حسب السن و الجنس و اخذا بعين الاعتبار القيم الاخلاقية و الخصوصية الهوياتية لكل مجتمع.
المدرسة : ودورها لا يقل اهمية عن دور الاسرة، اذ ان الاطفال والمراهقين يمكثون في مدارسهم أكثر من بيوتهم لذلك تعدُّ المدرسة مكانًا ووسيلة مهمَّة وفعَّالة في التربية الجنسيَّة؛ اذ أن برامج المدرسة الفعَّالة في هذا المجال ينبغي أن تشمل:
تزويد الطلَّاب بمعلومات صحيحة حول الأخطار المرتبطة بالنَّشاط الجنسي، ومعلومات حول الحمل والولادة، وطُرق ووسائل تجنُّب العلاقات غير الشرعية.
كيفية التعامل مع الأقران، ومنع الضغوط على الصِّغار، وتزويدهم بفُرَص لتعلم مهارات الاتصال.
استعمال مداخل متنوعة في التعلُّم والتعليم تشرك الطلاب وتساعدهم في تجنُّب السلوكيَّات الخاطئة.
إعداد مربِّين واساتذة يساهمون في تقديم المعلومات الصحيحة لطلابهم.
الأئمة المرشدون والمرشدات : من اكثر الناس تأهيلا لخوض غمار التربية الجنسية هم الأئمة المرشدون والمرشدات و ذلك لان الخطاب الديني في بلادنا خطاب مطلوب و واسع الانتشار, وذلك راجع للثقة الكبيرة التي يتمتع بها هؤلاء الائمة و التي تجعل خطابهم مسموعا مقنعا , بل ان الناس في كثير من الاحيان يلجؤون اليهم لحل مشاكلهم و البوح بأسرارهم و لاسيما ما يتعلق بحياتهم الخاصة.
هيئات و مؤسسات اخرى : كالمؤسسات الحكومية والجمعيات ووسائل الاعلام وغيرهم.
- ما هي شروط التربية الجنسية؟
يجب ان نعلم ان طرح الطفل للاسئلة امر طبيعي و فطري بسبب شدة رغبته في اكتشاف الحياة بكل مافيها. حيث تاتي اسئلته تعبيرا عن يقظة عقله عبر اسئلة بريئة بسيطة وليدة لحظتها, لاتخفي وراءها اية رغبة سيئة او مكبوتة. و بالتالي لكي تحقق التربية الجنسية اهدافها لابد من مراعاة الشروط التالية :
- الصدق في اعطاء المعلومات.
- التلقائية في التعامل مع تساؤلات الابناء فيما يخص قضايا الجنس.
- التبسيط في اعطاء المعلومات مع مراعاة الفروق الفردية.
- احترام المراحل العمرية.
- التكامل حيث لابد للمعلومة ان تراعي الجانب العلمي والطبي والشرعي والقيمي والتربوي.
Comments ( 0 )