قضية “الطفل ريان”.. ملحمة وطنية إنسانية لطختها كاميرا “البوز” وصحافة “الأدسنس”

كريم أخنخام

إلتحق “الطفل ريان” بالرفيق الأعلى، وانتهت واحدة من أعقد القصص الإنسانية بالمغرب، لتنتهي معاناة الإنتظار التي امتدت لخمسة أيام كاملة، بانتشاله من قاع البئر بعد “عملية قيصرية” تجندت فيها الدولة المغربية بأبنائها البررة تحت أنقاض الجبل، لكن “ريان” كان جثة هامدة للأسف.

رحل ريان وتحوّل إلى أيقونة للألم والوحدة والمشاعر الجامعة من المحيط إلى الخليج، ثم إلى سائر أقطار العالم، في واحدة من أكبر تجليات القضايا الإنسانية التي تجمع القلوب عبر العالم، باختلاف اللغات والأديان والثقافات.

لقد كانت ملحمة وطنية حقيقية جمعت المغاربة كما لم يجتمعوا من قبل، إجماع أوصل القضية إلى خارج الحدود لتتبناها كبرى المحطات والشبكات الإعلامية العالمية في تغطية مستمرة ومتواصلة.

غير أن ذلك التلاحم والتضامن الجماعي، أبت بعض “الطفيليات” إلا وأن تفسده أو على الأقل محاولة إفساده، فاختلط الحابل بالنابل، وتفاجأ المغاربة بوجوه لا تستحيي الترويج لنفسها و”مراحيضها” الإلكترونية على “يوتوب” أو “فيسبوك” في عز الأزمات، بتواطئ مع صحافة “الميكروفونات” الممثلة لبعض المواقع الإلكترونية التي تشتغل بطرق رديئة بعيدة كل البعد عن المواثيق والإلتزامات المنصوص عليها في قانون “الصحافة والنشر” بالمغرب، فصار جل همها كسب المشاهدات والنقرات لرفع أرباح “الأدسنس” ولو على حساب مآسي المغاربة.

صحافة “البوز” لم تكتفي بنشر الرداءة ونسف قيم المغاربة، بل كانت المساهم الأبرز في الضياع الذي عاشه الجميع أمام فوضى المعلومات التي رافقت تغطية قضية “الطفل ريان”، وتأكد ذلك من خلال سقوط شبكات إعلامية عالمية كبرى في فخ صحافة “المشاهدات واللايكات”.

تتبع عملية إنقاذ الطفل البطل “ريان”، رسخت الشكوك التي تنامت لدى المغاربة منذ زمن حول هذا التيار الجديد و”البئيس” من “الصحافة”، حينما نقلت بعض “الصحف والمواقع الإلكترونية” أشرطة فيديو وصور مفبركة تظهر فيها خروج الطفل “ريان” وهو حي قبل خروجه أصلا، في وقائع كانت كلها مغلوطة ومفبركة.

صحافة “البوز” وقنوات “العار” في “يوتوب”، ارتكبت واحدة من أكبر الجرائم الإنسانية في حقنا كمغاربة، بعد أن تلاعبت بمشاعرنا من أجل “أرباح” العار.

بلاغ المجلس الوطني للصحافة الذي صدر في حين تغطية عملية الإنقاذ بعد أن وصله صدى هذه “الدكاكين الإلكترونية”، كان تحصيل حاصل لسنوات من الإنفلات والإنحدار المهني، أساء لسمعة المغرب وأدى لتردٍّ مخيف في الذوق العام.

النتيجة أمامكم ! لم نحصد إلا ما زرعنا خلال السنوات الماضية.. الإصلاح ممكن، لكنه يحتاج لجرأة.. ووقف هذا النزيف يستحق أكثر من جرأة .

وأخيرا، فما بني على باطل فهو باطل دائما، ولا يصح إلا الصحيح !

رحم الله الطفل البطل “ريان” ورزق ذويه الصبر والسلوان.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)