قوة التسامح : هل فقد الاعتذار مغزاه في تحقيق التغيير الإيجابي !؟
هل فقد الاعتذار معناه الحقيقي وأصبح مجرد كلمة جوفاء؟ في عالم يتسم بالتظاهر وإدارة الصورة، يبدو أن الاعتذار الصادق أصبح نادرًا مثل تقديم الهدايا دون مجاملة أو محاباة أو كسب المزيد من الامتيازات.
نشهد كل يوم اعتذارات من أفراد ومنظمات، تُعبر عن ندمهم ولكن ما مدى صدق وشفافية الاعتذارات المقدمة من قِبل الأفراد والمؤسسات و حتى الدول؟
هل هي مجرد محاولات لإدارة الانطباعات أم أن لها أبعاد أخلاقية أعمق؟
تطوُر تحليل ثقافة الاعتذار يمكن أن يكون سبيلا للوصول إلى درجة من الفهم ؟
و لمحاولة فهم القليل سنحاول فهم تاريخ الاعتذار عبر دراسات تحليلية أُجريت لتحليل كيفية تطور ثقافة الاعتذار في الأوراق البحثية القديمة في علم النفس.
– لم يكن في الستينات أي ذكر للاعتذار بينما كان التركيز على الأعذار والتبريرات.
– توسع تصنيف الحسابات في السبعينات والثمانينات ليشمل الاعتذارات وهو الاعتراف بالمسؤولية والتعبير عن الندم والوعد بعدم تكرار الفعل.
– أما في التسعينات بدأ الأدب الأكاديمي بوصف الاعتذارات على أنها تقنيات لإدارة الفشل باستخدام عبارات سطحية دون أي شعور داخلي بالندم، حيث تم رصد الكثير من العبارات الرائجة على هذا النحو.
– 2024 اعتذار البشر vs اعتذار الذكاء الاصطناعي، في مقالٍ نُشر هذه السنة على موقع BBC، قام الكاتب بتجربة اجتماعية بين بعض أقاربه لمعرفة أن كان بإمكانهم تمييز الاعتذارات سواءً كُتبت من قبل الذكاء الاصطناعي أو وساطة الإنسان، كان المشروع بمثابة اختبار لمعرفة كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يغير أحد أكثر أنواع التفاعل البشري حساسية: الاعتذار بين الأشخاص! وعلى الرغم من تصريح خبراء الذكاء الاصطناعي عن إمكانياته في تزييف الذكاء الاجتماعي للإنسان. يبقى السؤال المطروح، هل يجدر بنا حقاً استخدامه لتزييف مشاعرنا؟
إذاً ما هو سر الاعتذار الصادق؟
يمكن القول إن المنظر نيكولاس تافوتشيس ساعد عبر كتابه “علم الاجتماع للاعتذار والمصالحة” على فهم بعض أبعاد الاعتذار، و على الرغم من أننا نعتقد بأن الاعتذار بين الأشخاص هو ببساطة بين شخصين، إلا أن تافوتشيس سجل في كتابه ما هو أكثر من ذلك، حيث أن الاعتذار حسب منظوره ليس لديه القدرة على شفاء العلاقات الشخصية فحسب، بل يؤكد أيضاً انتسابها للمجتمع الأخلاقي.
المنظور الأوسع:
يعد الاعتذار أكثر من مجرد كلمة نقتبسها، بل تعبيراً عن التزامنا بالتغيير والتحسين، سواء كان ذلك في حياتنا الشخصية أم المهنية، في عالم يعتمد بشكل متزايد على التكنولوجيا، يجب علينا أن نتذكر أن بعض الأشياء، مثل الصدق والندم الحقيقي، لا يمكن تزييفها أو بهرجتها أو برمجتها. لذا إذا كنت مدينا باعتذار لشخص ما، آذيته ذات يوم، فلعلك تجد في نصائح علماء النفس ما لم تكن تعلمه، وربما تتعلم طريقة جديدة تدفع بها غرورك الذي يمنعك من إبداء اعتذارك مقدماً. لكن قبل ذلك عليك التمييز بين المفاهيم المتشابكة، فإذا كان الأسف إبداء الندم على أفعالنا، ومحاولة حثيثة من جانب الطرف الظالم لتصحيح الخطأ الذي اقترفه في حق المظلوم، وأن يعيد له جزءا من كرامته المهدرة. فإن الاعتذار هو إجراء لإنهاء الموقف ليس أكثر، وفارق شاسع بين ما يتركه الأسف الحقيقي من أثر، وبين الاعتذار الخاطف. حاول إذن خطف الاعتذار باسرع وقت.
صورة المقال يونس السفياوي
Comments ( 0 )