لا تبالغ في تقدير أهدافك ! عن تخطيط ما يناسبك لتعيشه بإستمتاع.

لا تبالغ في تقدير أهدافك !
عن تخطيط ما يناسبك لتعيشه بإستمتاع.

عندما كنت بعمر مراهق، رسمت حياتي كلها على رزمة من ورق ملون. لقد كان جدولًا زمنيًا طويلًا ونحيلًا للأحداث والمعالم التي ترسم تضاريس مجتمع مزاجي : اذهب إلى الثانوية ، وأفور ثمن الكتب بعد بيعها نهاية السنة ، للانخراط بعدها بنشاط تجاري أو حرفي مستغلا قُربي من الساحل للاستمتاع بأجواء المحيط حيث تتقلص الفوارق الاجتماعية بارتداء “مايوه” .

ربما حتى تستطيع التسكع وتجنبب مناطق حساسة ترصد المزاج وتحدد لائحة المدعووين إلى حفلة تنكرية مدفوعة الحبة و البارود.
لم اقدم اي طلب حينها للالتحاق، بعد أن عرفت أنني على لائحة الانتظار بدكة البدلاء بتهمة استنفار القدرات.

أحضرت رزمة الورق إلى والدي وأشرت إلى كل مَعلم رئيسي – كنت بحاجة إلى شاهد – ثم جمعت حياتي كلها ودفعتها إلى حجرة مستأجرة بمدينة بعيدة، منتظرا ما سيجود به الحصول على شهادة غير معترف بها، بعد أن أدركت أنها لا تليق حتى لتاثيت جدار ،بعد أن حصل عليها كل من اجتازوها داخل غرفة مُخففة الحراسة، ليمروا بعدها إلى مرحلة الكوتا المخصصة لآبائهم من تحت الدف، تقديرا لجهودهم بتعطيل التغيير.

لقد كنت دائمًا مُخططًا و استراتيجيا. من الجيد أن تضع هدفًا ، وتعمل على تحقيقه، ثم تقوم بإزالته من قائمتك، حتى لو كان هدفك مجرد وظيفة بائسة تغرس الشيب قبل تحقيق سقف طموحاتك، لان أغنى لحظات الحياة هي تلك اللحظة التي لا يمكنك أبدًا التفكير في التخطيط لها.

في حديثه دائما ما يتذكر أشخاصا نصحوه بأن مكانته خارج حدود الوطن، حيث الحافز يذكرك بما يستوجب عليك فعله عند الاستيقاظ.

كانت هناك فتحة صغيرة بغرفة الإيجار في في كل يوم جديد، حيث تُغلَق اللحظة التي تبدأ فيها خططك.
ما يمكنك التخطيط له صغير جدًا بالنسبة لك لتعيشه بعد وظيفة حصلت عليها لدعم الإقتصاد و التخلي عن خططك. و امتصاص الاستنفار العام لقِواك ، لقد أصبح سقف طموحاتي واقعيا إلى درجة أن زملاء العمل الجديد كرروا أيضا الجملة التي لم اسمعها منذ مدة، “ان مكانتك خارج حدود الوطن حيث الحافز يذكرك بما يستوجب عليك فعله عند الاستيقاظ”.

أغلقت بعدها الفتحة الصغيرة بغرفة الإيجار، لم أكن احلم بالهجرة حتى يعم الضلام لأتستطيع سماع الأفكار جيداً ،لقد أدركت حينها أنني لم أكن أجيد الٕاصغاء ،لقد نبهني هؤلاء البؤساء أن هناك فعلاً ما يستحق الاستيقاظ باكرا على هذه الأرض التي تغلق المنافذ حين تبدأ فيها خططك.

حاولت بعدها أن أكون أكثر تحررا وان ارسم معالم طرق سرية، اجوب فيها شوارع منسية، غيرت المدينة الجميلة بمدينة أكبر و قصدت مثقفيها و مشغليها اللذين انتظروني، لكن سرعان ما غادرت بعد أن أدركت المُقابل المحفز للبعض ؛ اخدت معهم صورة للذكرى و غادرت لان ألعاب الحظ لا تروقني، حتى ربطة العنق احتفظت بها للحفلة التنكرية القادمة، بعد أن حصلت اخيرا على شهادة مزقتها بعد أن أدركت خيوط اللعبة.

ما يمكنك التخطيط له صغير جدًا بالنسبة لك لتعيشه.
لقد قررت يا صديقي أن أبقى هنا ،ادركت أن الحوافز كثيرة للاستيقاظ باكراً .

فغالبًا ما لا تتطابق الحياة التي يمكنك التخطيط لها مع الطريقة التي تتكشف بها الحياة لترتمي في احظانك، و انت منبهر من وجودك.

من المستحيل التخطيط لمقابلة صديق جديد مثير للاهتمام وسط البؤساء ، أو الوقوع بالحب أثناء تنزهك الصباحي، أو الحصول على وظيفة أحلام لم تكن تعلم بوجودها من قبل.

الأهداف تبدو جيدة لأنها تعطي لعالمنا معنى الأمل، والقدرة على التنبؤ لكني أسألك الان عما إذا كان هذا التنبؤ له ثمن؟!

الأهداف ترسم لك حدودًا حيث يمكنك أن تزدهر بدونها!

الأهداف ترسم لك الواقع المحتمل الذي يمكن أن تعيش بدونه !

قبل سنوات ، قابلت شخصا جديدًا و مثيرًا للاهتمام ؛مثل هؤلاء أشخاص يمر وقت طويل حتى تلقاهم كما تستطيع أن تلقاهم بعد قطعك لمئات الكلمترات أيضاً، في اكبر مقهى على اكبر ساحة ،كان صحفي، سألته عما أفعله من أجل متعة الحياة دون أن أهجر البؤساء ؟

-تساءلت ،
* “حسنًا”
وأنا أتفحص عقلي بحثًا عن هواية.
* “بصدق؟ أنا أعمل كثيرا.”
لم يقل ذلك بصوت عالٍ، لكن إيماءته البطيئة وابتسامته النصفية أخبرتني ،
“حسنًا ، هذا هو أضعف شيء سمعته على الإطلاق.”

كان جوابه مبطنا بسؤال (الصدق؟) لأسابيع ، لم أستطع إخراج سؤاله من رأسي. “متى توقفت عن الاستمتاع؟”
أتسائل. لقد أصبحت مرتبطًا جدًا بأهداف أخرى لدرجة أنني توقفت عن الاهتمام بأي شيء آخر.
بالتأكيد ، كان لدي اهتمامات: تعلم لغات جديدة ، مساعدة الاخرين ، ومشاهدة الأفلام بقاعات السينما ، والمشي لمسافات طويلة و السباحة بالمحيط المفتوح. لكن نادرًا ما خصصت وقتًا لأي منهم لأنني كنت شديد التركيز على بعض الأهداف.

ربما كنت قد شعرت بنفس الطريقة بضياع الوقت.
من المؤكد أن الرسائل من حولنا تعزز هذه الفكرة .

-من لديه وقت ؟

لا تنتظر إجابة … تابع الاستمتاع.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)