دنيا الحجاجي
في دراسة من جامعة بهولندا, اكتشف فريق من باحثين من جامعة لايدن أن مادة “كانابينويد” التي ينتجها المخ هي عبارة عن مركب كيماوي لمواد موجودة في نبات القنب بشكله الطبيعية. واكتشف الباحثون أنّ جسم الإنسان ينتج هو الآخر مركبا من هذه المادة يطلق عليه اسم “ايندو كانابينويد” وهو مسؤول عن ضخ إفرازات في النظام العصبي تترك أثراً في وظائفه ولاسيما الذاكرة والذائقة والضغط النفسي.
في القنب الطبيعي، تحتوي هذه المادة على مكوّن نشط يدعى THC هو المسؤول عن الفاعلية السيكولوجية المتولدة عن هذا العقار. مقابل هذا المركّب، يوجد في القنب زيت CBD ذو الأثر الفعال في تهدئة المشاعر، وسجّل فريق البحث فاعلية هذا الزيت في إزالة آثار القلق والألم لدى الأنسان. وتوصل الباحثون إلى أنّ العصارة الدماغية التي ينتجها مخ الإنسان واسمها “أناندامايد” تساعد الناس في نسيان الذكريات الحزينة.
أحد السبل التي انتهجها العلماء لمعرفة دور أناندامايد في التأثير كانت من خلال تقليل مستوياته في المخ ومراقبة تأثير ذلك على السلوك، فكانت تلك طريقة فاعلة لمعرفة وظيفته في المخ، لكنّ هذا ليس بالأمر اليسير، فقد تفحص الباحثون على مدى أشهر عدة آلاف المواد في شرائح مختبرية “سلايدز” حتى توصلوا إلى المركب الذي يفعل ذلك.
و قد استخدم الباحثون حيوانات تجارب، فوضعوا في ذاكرة فأر شعوراً يعادل أثر ذكرى حزينة في ذاكرة الانسان، ثم عرّضوا قدم الفأر إلى صدمة مفاجئة جعلوها متزامنة مع صوت ما. بعد ذلك قللوا من جرعة أناندامايد في مخ الفأر، فلم تمحو ذاكرة الفأر ذكرى الألم المقرون بذلك الصوت، وهكذا كلما عرضّوه للصوت الذي قرن بالصدمة المؤلمة، بدا الخوف والهلع على سلوك الفأر.
وعلّق البروفسور ماريو فان دير شتيلت قائد فريق البحث الذي قام بالتجارب في جامعة لايدن على هذه النتائج بالقول “بوسعنا الاستنتاج من هذا أن مركب أناندامايد هو المسؤول عن خفض مستويات القلق والضغوط”.
بهذا العرض يبدو الأمر يسيراً، لكنّ هذا النوع من التجارب يستغرق فترات طويلة حتى يتوصل الخبراء والعلماء إلى نتائج معتمدة.
و أظهرت النتائج أن مركب أناندامايد ذو تأثير فعلا في تقليل مستويات الضغوط التي يتعرض إليها الناس، كما أن له دور فعّال في تقليل مستوى القلق لدى الناس، وكلاهما من ظواهر عصر العولمة المزمنة. ومع ذلك، ما زال الطريق طويلاً أمام العلماء والباحثين لتحويل مخرجات هذا البحث إلى عقار واقعي يتداوله الناس فيذهب بآلامهم وقلقهم والضغوط النفسية التي تنهكهم، لكنّ البحث يضع الأساس لعلاج القلق والتوترات العصبية والآثار الجسدية الناجمة عنه، ويشمل ذلك ما يعرف علميا بـ PTSD أي “اضطراب واختلال ما بعد الصدمة” كما يؤكد الباحثون.
Comments ( 0 )