مولاي الحسن الداكي : العدالة التصالحية أصبحت مطلبا ملحا.
قال السيد الداكي الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة في كلمة ألقاها أمام الحاضرين لأشغال المؤتمر الدولي الأول للنيابة العامة الأردنية التي انطلقت أمس الخميس بالأردن حول موضوع ” العدالة التصالحية في السياسة الجنائية المعاصرة “، قال ” إن قياس مدى نجاعة العدالة والسياسة الجنائية لا يتم فقط عبر التركيز على حماية المجتمع عن طريق إنزال العقوبة بالجناة ، بل يتم أيضا من خلال تحقيق الموازنة الضرورية بين الحق العام في التصدي للجريمة والحق الخاص المتمثل في حماية حقوق الضحايا المجني عليهم”
كما أوضح المسؤول المغربي أن الاهتمام الدولي بالعدالة التصالحية تجلى في عدة وثائق وقرارات دولية برزت منذ عقد الثمانينات من القرن الماضي ، مشيرا إلى أن العدالة التصالحية تسعى وفق ما أقرته مبادئ الأمم المتحدة إلى إتاحة الفرصة للضحايا وإعادة الاعتبار إليهم ومعالجة ما خلفته لهم الجريمة من أضرار جسدية ومعنوية ، إذ لا يقتصر الأمر على مجرد تيسير الحصول على تعويض مادي من الجاني ، بقدر ما هو إرساء لتوازن داخل النظام القضائي يشمل نوعا من الاعتراف بمكانة الضحية في إجراءات العدالة الجنائية. و هو ما تنص عليه الشريعة الإسلامية التي تعتبر مرجعا للقوانين والأنظمة القانونية للمجتمعات بتحفيزها على إصلاح ذات البين.
وأضاف السيد الدامي عبر مداخلته تسليط الضوء على التجربة المغربية بالقول إن ” المشرع المغربي واع بأهمية العدالة التصالحية ، فقد تبنى قانون المسطرة الجنائية المغربي مقاربة حديثة تجعل من الصلح الذي يتم بين المتضرر ومرتكب الجنح الضبطية سببا قانونيا يخول للنيابة العامة اعتماده لوضع حد لآثار الجريمة، عبر فرض التزامات على الجاني كأداء غرامة تصالحية دون حاجة لتحريك الدعوى العمومية وما يستتبعها من إثقال لكاهل المحاكم بكثرة القضايا “. و هو تعمل عليه الشرطة القضائية الوطنية و القضاء بإصلاح ذات البين بين الطرفين بالسؤال : عن إمكانية الصلح.
جدير بالذكر هنا و علاقة بهذا الموضوع فان مجموعة من الجنح التي تصنف في خانة الجرائم الشكلية ، بمعنى أن فتح الأبحاث وتحريك المتابعات يقتضي وجوبا أن تكون هناك شكاية من الضحية ، كما هو الحال في السرقة بين الأصول والأقارب وبعض الجرائم الجمركية على سبيل المثال ، ما يعني أن غياب شكاية المتضرر يمنع أجهزة العدالة الجنائية من البحث في الجريمة، وفي حالة حصول تنازل أثناء المحاكمة فإنها تؤدي إلى سقوط الدعوى العمومية، أما إذا كان التنازل بعد صدور الحكم فإنه يضع حدا لتنفيذ العقوبة الصادرة في القضية.
الصورة الاكبر:
الصلح الخير و هو يحفاظ على الروابط الأسرية و علاقات الجوار ، كما أن قضاة الحكم يراعون حصول الصلح في أحكامهم سواء لتمتيع الجاني بظروف التخفيف القضائية أو عند تفريد العقوبة إذ يتم النزول بالعقوبة إلى الحد الأدنى أو جعلها موقوفة التنفيذ.
تعليقات ( 0 )