ياسين الرضواني
الكثيرون يتساءلون بين سطور تعليقات كثيفة مُمَجِّدة مَبْهورَة، كيف للأعمال التلفزية الرمضانية المغربية أن تلقى كل هذه الإشادة الواسعة رغم نمطية الحبكات الدرامية و السيناريوهات المتكررة التي لا تتجاوز في الكثير من الأحيان حُب من طرف واحد أو صراع طبقي غير عادل تضيع فيه كرامة الفقير لتتفجر عواطف المشاهد المغربي.
هنا من الجدير العودة إلى سياسة التلفزة المغربية خلال العقود الأخيرة و كيف تغيب الإنتاجات التلفزية طيلة السنة تقريبا، حتى تحضر برمتها فجأة في رمضان. فبعيدا عن الحديث عن الكاميرا الخفية التي نفذ الحديث عنها و لم تنفذ بعد، بعدما أحرق الكثيرون ممن شاركوا فيها كل خباياها, ولا السيتكومات التي حُجِزت فيها أماكن فنانون للأبد، اقتداءا بالمشهد السياسي بالبلاد، فالحديث هنا يرتكز على المسلسلات تحديدا، أين يطرح ذلك السؤال بالضبط.
هنا يمكن القول أن غياب المسلسلات المغربية طيلة الموسم تقريبا عن التلفزة العمومية يجعل استحواذ الأعمال التركية المدبلجة يخنق المشاهد، دون أن يجد لها بديلا، حتى يدخل شهر رمضان، عندها يجد شيئا مغايرا ليشاهده، والمثير للإعجاب أن ذاك الشيئ المغاير مغربيا و غير مدبلج، فربما يكون الإعجاب ليس في العمل بالضبط، بقدر ما أن العمل غطى فراغا دام لموسم كامل، و كسر هيمنة المسلسلات التركية رغم أنه يبقى متخدا لنفس سياستها الدرامية في إثارة عواطف المشاهد.
داء غياب المسلسلات هذا الذي تعاني منه التلفزة المغربية و الذي يجعل التمييز صعبا بين إعجاب المشاهد بالعمل فنيا أو لأنه ملأ له الفراغ الفني فحسب، من آثاره السلبية كذلك أنه يُغَيِّب الثقافة النقدية للمشاهد المغربي، خاصة ذاك الغير متابع لمسلسلات أجنبية أو عربية في المستوى عبر أحد المنصات المدفوعة، ليستمر الجدال بين من يسرف في إطراء المسلسل المغربي الرمضاني لأنه وفر له متابعة شيئ ما، و بين من طور شيئا ما من ثقافته الفنية النقدية بمتابعته لسلسلات أجنبية على مدار الموسم، هنا لن ينتهي الجدال لأن مجال المقارنة بين من يتحدث عن العمل فنيا و من يسد حاجياته الفنية من خلال العمل نفسه لا يوجد، تماما مثل من يجادل من يروي ضمأه بعد أيام من العطش حول جودة المياه.
Comments ( 0 )