هشاشة روابط العولمة تضع تنمية الدول الصاعدة في الواجهة.

تقرير :هشام الحور

اذا كنت من المعجبين بنماذج نجاح العولمة و الانفتاح وتؤمن بان الإنسانية تنجح عندما تتفاعل وتنقل خبراتها ومنتجاتها وأفرادها بحرية عبر الحدود العالمية، فلابد ان الوقت الذي قضيته ايام الحجر الصحي كان عصراً مظلما بالنسبة لك .

ونبشرك أن الاقتصاديين  يعتقدون أن القادم لن يزداد إلا حلكة!

فمؤخراً قام العديد من رؤساء الدول بتلميحات وتصريحات عديدة ضد العولمة ليس لأنهم ضدها ،لكن لأنهم استطاعوا تطوير نمادج تنموية لا تستند على المعونات و الدعم و الريع بقدر ما تستند إلى الاستقلالية و الإكتفاء الذاتي و خلق الثروة بدل اقتسامها  .

تتضمن هذه القائمة شي رئيس الصين، وبوتين رئيس روسيا، مروراً ببولسنارو رئيس البرازيل واوربان رئيس هنغاريا وانتهاءً بأردوغان وترامب.

أضف الى ذلك احداثًا عالمية مثل انسحاب بريطانيا من التحالف الأوروبي (بريكست)، و انقطاع روابط العالم أثناء الجائحة، والحرب المستعرة في أوروبا الشرقية (اكرانيا).

أيضًا، منذ سنوات والشركات ذات سلاسل الإمداد المعقدة متعددة الجنسيات(التي تعمل بالمناطق الحرة) تعاني من تكاليف غير متوقعة يلمسها بدرجة أكثر عمالها اللذين تزيد وثيرة عملهم و إجهادهم دون ارتفاع حدهم الأدنى للأجور لتتكرس لديهم فكرة العبودية المعاصرة بعد ارتفاع اسعار الاستهلاك .

فالواقع ببساطة
كلما شعرت الدول بأنها في حاجة أكبر لأن تعتمد على ذاتها، يعني ذلك أن “تسحب على” فوائد الترابط العالمي.

و هو ما شرعت به الاسباب المذكورة أعلاه ، فمن عالم واحد إلى قطع متفرقة ؛
يقول الاقتصادي آدم بوسن ان الاقتصاد العالمي سينقسم الى قطع، حيث تقوم كل قطعة بمحاولة أن تعزل نفسها عن العالم وتقليل قوة تأثير القطعة الاخرى عليها ،و هو ما نلحظه عندنا في المغرب من اقرب جيراننا ،كلهم يذحاولون كبح جماح المغرب الذي عرف تطورا على جميع الأصعدة ،خاصة ميدان الطاقة الذي يعول عليه في الاقلاع الإقتصادي.

فالجائحة وفترات الحظر وقيود السفر كانت لها تبعات مدمرة سببت عجزًا لدى وكلاء الأسفار وتركت أثرًا واضح على ارفف المتاجر و محطات البنزين و الخدمات.

إذ أن ازدياد اسعار البترول والمواد الزراعية وعزل العالم لروسيا من الاقتصاد العالمي زاد العجز العالمي وانقطاع العديد من المواد الصناعية الاساسية مثل النيكل الذي أثر على قطاع الالكترونيات الاستهلاكية التي لم تصبح نوعا من الترف بقدر ما أصبحت من الأساسيات ،

كما أن وفرة الشيء اصبحت أهم من جودته ،فلا جودة اليوم حتى تسأل عنها ( قدي بلي كاين) من مكعبات الشكلاطة و الجبن الممزوجة بالجيلاتين إلى مكعبات الحليب والابقار المهجنة و المرتديلا الاقرب الى قطع المطاط من اللحم البقري،

فكل العوامل تصدعات سلاسل التوريد و العولمة الاقتصادية تجبر الشركات على ان تغير اولوياتها من “في الوقت المناسب” إلى “من باب الحيطة”،
و كما ذكر رئيس البنك المركزي الجواهري معللاً أهمية الموثوقية على الكفاءة بخصوص المرحلة الثانية من تعويم الدرهم مفظلا السيادة الوطنية على المغامرة بالدرهم في عالم متضارب المصالح.

فقلة الترابط الاقتصادي اليوم، تعني أن التنمية بكل نمادجها والاختراعات ستقل بينما ستزدهر وتقوى الشركات والصناعات المحلية بشكل يمكّنها من المطالبة بحمايات خاصة. بشكل أعم، ستقل العوائد من الاستثمارات التي يقوم بها الافراد والشركات الأجنبية و هو مجال للتنافس اليوم بين الدول التي ستوفر أقل تكلفة الإنتاج و ارخص يد عاملة. هو:

المختصر: هو أن الاقتصاد العالمي في 2020 بدا مختلفًا عما كان عليه في العقود الثلاثة الماضية بطرق عديدة مازالت عصية الفهم الأكيد أن عالم ما بعد 2022قد يبدو اقتصاديًا بشكل مختلف تمامًا عما كان عليه قبل عام 2020، وأحد أهم الشعارات فيه ليست التحالفات بل كما تقول الأغنية “كلٌّ يغني على ليلاه”…

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)