الحصانة ها هي ! الدكتوراه اين هي ؟…”

الحصانة ها هي ! الدكتوراه اين هي ؟…”

 

كانت شابة، تحلم منذ الصغر بالحصول على درجة الدكتوراه في “القانون العام”، ولكنها لم تكن لديها المؤهلات العلمية الكافية للتسجيل في برنامج الدكتوراه. ومع ذلك، لم تفقد الأمل وقررت أن تحاول الحصول على هذه الدرجة المرموقة بأي طريقة ممكنة.

بدأت الشابة بالبحث عن الطرق التي يمكنها من خلالها الحصول على الدكتوراه بدون مؤهلات، ووجدت أن هناك طريقة واحدة فقط وهي الحصول على شهادة الدكتوراه الفخرية. ولكن حتى هذه الشهادة تتطلب الحصول على إنجازات ملموسة ومساهمات كبيرة في مجال الدراسات القانونية.

بدأت بالعمل بجد واجتهاد لتحقيق إنجازات ملموسة في مجال الدراسات القانونية و العلاقات العامة بعد أن حصلت على رخصة قيادة “تراكتور” ذاتي القيادة يعرف تضاريس المناورة و الوصول إلى مدينة أغادير ،حيث استطاعت هناك الحصول على درجة ماستر في القانون الفرنسي ,عفوا ,بالعربي ,هي حاصلة على إجازة تخصص ادب فرنسي ،لكن رغم ذلك استطاعت الدراسة بالعربية و الحصول على هذه الشهادة ،كيف لا و هي تركب جرار ذاتي القيادة يمكنه أن يحرث جميع الحقول العلمية،

وبدأت تنشر أوراق بحثية في المجلات العلمية وتشارك في المؤتمرات والندوات القانونية على الفيس بوك ،و تتفقد الرعية و تتفرغ للعمل البرلماني بعد أن حازت التزكية من الجرارين ،بعدها نالت الضوء الأخضر من وزارة التربية التي سمحت لها بترك حجرة التدريس ،التي لا تعفيك من الحصول على راتبك الشهري ،لانك تتفرغ للنيابة عن الجمهور.

ورغم أن بعض الخبراء في المجال قد تجاهلوا إنجازاتها بسبب عدم وجود مؤهلات علمية رسمية، إلا أن الشابة لم تفقد الأمل واستمرت في العمل بجد واجتهاد.

وبعد عدة سنوات من العمل الجاد، تمكنت اخيرا من الحصول على إنجازات كافية لتحصل على شهادة الدكتوراه الفخرية في القانون من المدينة التي تمثلها حيث لا يُميز الجمهور بين دكتور طب العيون و دكتور في القانون يكفي أن تكون دكتور و بس. ورغم أنها لم تحصل على شهادة دكتوراه رسمية، إلا أن إنجازاتها وعملها الجاد قد أثبتت أنها تستحق هذا اللقب.

لانها برلمانية جاءت من جبال بعيدة لتترافع من أجل أبناء مدينة ساحلية تعاني من مشاكل اقتصادية كبيرة وارتفاع معدلات البطالة بين شبابها. وكانت تعتقد أن فتح قاعات السينما في المدينة سيكون له تأثير إيجابي على اقتصاد المدينة وعلى حياة شبابها الذين يفتقرون للترفيه والتسلية.

ومع ذلك، كان هناك معارضون لفكرة فتح قاعات السينما في المدينة، يرون أنها تتنافى مع القيم والتقاليد التي تمنع السينما بحجة أن الجمهور لا يحب السينما أكثر من حبه للدكاترة . ولكن الشابة لم تفقد الأمل وقررت أن تترافع من أجل فكرتها وتقدم مقترحًا في البرلمان لفتح قاعات السينما في المدينة.

تعرضت بعدها البرلمانية لانتقادات شديدة من بعض زملائها ومن بعض المواطنين و شعرت بالوحدة،
ولكنها استمرت في العمل بجد واجتهاد وبدأت في إقناع المعارضين بفكرتها. عملت على جمع البيانات والأدلة التي تثبت أن فتح قاعات السينما سيكون له تأثير إيجابي على اقتصاد المدينة وسيوفر فرص عمل جديدة للشباب.

وبعد جهود كبيرة، تمكنت اخيرا من إقناع غالبية أعضاء البرلمان بفكرتها، وتمت الموافقة على إغلاق كل قاعات السينما في المدينة التي أصبحت ساحة كبيرة كل يؤدي دوره بإتقان ،كل “دكتور” كل يسوق “تراكتور”.
وفي الأشهر القليلة التالية، شهدت المدينة تحسنًا كبيرًا في اقتصادها وظهرت فرص عمل جديدة للشباب بعد إتقانهم لدور التودد لسائقي هذه الآلة التي تحرث الاخضر و اليابس.

وكانت الشابة سعيدة جدًا بما حدث ،مواصلة تحقيق حلمها في الحصول على دكتوراه رسمية بعد أن كسبت ود الجماهير و حصانة البرلمان و التفرغ من الوظيفة العمومية ،و قررت هذه المرة التوجه نحو الشمال ،حيث الجامعات المفتوحة لتسجيل ملفها في سلك الدكتوراه و تم قبول ملفها بمختبر القانون العام،في انتظار الإدلاء بشهادة ماستر “الحكامة الترابية” ،
لكن الشابة ستتعثر من جديد بعد أن انفجر المختبر وسمع دوي فضيحة ثقيلة تنضاف لفضائح تسجيل الطلبة في تخصصات بعيدة عن تكوينهم ،و في ثربة لم يعتد التراكتور على حرثها كباقي الحقول المعرفية.

حتى خبرتها و شهادتها بالـ”حكامة الترابية” وقفت حجر عثرة هذه المرة أمام أحلامها بنيل الدكتوراه الفخرية بعد أن حلت لجنة من المفتشية العامة لتفقد أوضاع المختبر.

تنويه :
هذه القصة من وحي الخيال، ولا تمت للواقع بأي صلة، وأي تشابه بين شخصيات القصة وبين الواقع، هو من وحي خيال القراء لا غير .
صحيح أنّ القصة تخلق أبطال عالمها من العدم، وتبثّ فيهم الحياة، ثمّ تحدّد لهم مصائرهم بدقة.

 

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)